للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّهم (٧٧) أهلُ الخِبْرةِ بذلك والتَّجْرِبَةِ والمَعْرِفةِ، ولا يُقْبَلُ إلَّا قولُ طَبِيبَيْنِ مُسْلِمَيْنِ ثِقَتَيْنِ بالِغَيْنِ؛ لأنَّ ذلك يَتَعَلَّقُ به حَقُّ الوارِثِ وأهْلُ العَطَايَا، فلم يُقْبَلْ فيه إلَّا ذلك. وقِيَاسُ قولِ الْخِرَقِىِّ، أنَّه يُقْبَلُ قولُ الطَّبِيبِ العَدْلِ، إذا لم يُقْدَرْ على طَبِيبَيْنِ، كما ذَكَرَ (٧٨) في بابِ الدَّعَاوَى. فهذا الضَّرْبُ وما أشْبَهه، عَطَايَاهُ صَحِيحَةٌ؛ لما ذَكَرْناه من قِصّةِ عمَرَ، رَضِىَ اللهُ عنه، فإنَّه لما جُرِحَ سَقَاهُ الطَّبِيبُ لَبَنًا، فخَرَجَ من جُرْحِه، فقال له الطَّبِيبُ: اعْهَدْ إلى الناسِ. فعَهِدَ إليهم ووَصَّى، فاتَّفَقَ الصَّحَابةُ على قَبُولِ عَهْدِه وَوَصِيَّتِه. وأبو بكرٍ لما اشْتَدَّ مَرَضُه، عَهِدَ إلى عمرَ، فنَفَّذَ عَهْدَه.

٩٧١ - مسألة؛ قال: (وَكَذلِكَ الْحَامِلُ إذَا صَارَ لَهَا سِتَّةُ أشْهُرٍ)

يعني عَطِيَّتُها من الثُّلُثِ. وهذا قول مالكٍ. وقال إسحاقُ: إذا أثْقلَتْ لا يَجُوزُ لها إلَّا الثُّلُثُ. ولم يَحِدَّ. وحَكَاهُ ابنُ المُنْذِرِ عن أحمدَ. وقال سَعِيدُ بن المُسَيَّبِ، وعَطَاءٌ، وقَتَادَةُ: عَطِيَّةُ الحامِلِ من الثُّلُثِ. وقال أبو الخَطَّابِ: عَطِيّةُ الحامِلِ من رَأْسِ المالِ، ما لم يَضْرِبْها المَخَاضُ، فإذا ضَرَبَها المَخَاضُ، فعَطِيَّتُها من الثُّلُثِ. وبهذا قال النَّخَعِيُّ، ومَكْحُولٌ، ويحيى الأَنْصارِىُّ، والأوْزَاعِيُّ، والثَّوْرِيُّ، والعَنْبَرِيُّ، وابنُ المُنْذِرِ. هو ظاهِرُ مذهبِ الشافِعِيِّ؛ لأنَّها قبلَ ضَرْبِ المَخَاضِ لا تَخَافُ المَوْتَ (١)، ولأنَّها إنَّما تَخَافُ المَوْتَ إذا ضَرَبَها الطَّلْقُ، فأشْبَهَتْ صاحِبَ الأمْراضِ المُمْتَدَّةِ قبلَ أن يَصِيرَ صاحِبَ فِرَاشٍ. وقال الحَسَنُ، والزُّهْرِيُّ: عَطِيَّتُها كعَطِيَّةِ الصَّحِيحِ. وهو القولُ الثاني للشافِعِيِّ؛ لأنَّ الغالِبَ سَلَامَتُها. وَوَجْهُ قولِ الْخِرَقِيِّ أنَّ سِتّةَ الأَشْهُرِ وَقْتٌ يُمْكِنُ الوِلَادَةُ فيه، وهى من أسْبابِ التَّلَفِ.


(٧٧) سقط من: م.
(٧٨) في م: "ذكرنا".
(١) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>