للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَنْقَسِمُ من الأَرْضِ، بِدَلِيلِ قوله: "فَإذَا وَقَعَتِ الحُدُودُ، وصُرِّفَتِ الطُّرُقُ". ولأنَّ هذا ممَّا لا يَتَبَاقَى على الدَّوَامِ، فلا تَجِبُ فيه الشُّفْعَةُ، كصُبْرَةِ الطَّعَامِ، وحَدِيثُ ابنِ أبي مُلَيْكَةَ مُرْسَلٌ، لم يَرِدْ (٢٥) في الكُتُب المَوْثُوقِ بها، والحُكْمُ في الغِرَافِ (٢٦) والدُّولابِ والنَّاعُورَةِ، كالحُكْمِ في البِنَاءِ. فأَمَّا إن بِيعَتِ الشَّجَرَةُ مع قَرَارِهَا من الأَرْضِ، مُفْرَدَةً عمَّا يَتَخَلَّلُها من الأَرْضِ، فحُكْمُها حُكْمُ ما لا يَنْقَسِمُ من العَقَارِ، ولأنَّ هذا ممَّا لا يَنْقَسِمُ، على ما سَنَذْكُرُه. ويَحْتَمِلُ أن لا تَجِبَ الشُّفْعَةُ فيها بحالٍ؛ لأنَّ القَرَارَ تابِعٌ لها، فإذا لم تَجِب الشُّفْعَةُ فيها مُفْرَدَةً، لم تَجِبْ في (٢٧) تَبَعِها. وإن بِيعَتْ حِصَّةٌ من عُلْوِ دَارٍ مُشْتَرَكٍ نَظَرْتَ؛ فإن كان السَّقْفُ الذي تَحْتَه لِصَاحِبِ السُّفْلِ، فلا شُفْعَةَ في العُلْوِ؛ لأنَّه بِنَاءٌ مُفْرَدٌ، وإن كان لِصَاحِبِ العُلْوِ، فكذلك؛ لأنَّه بِنَاءٌ مُنْفَرِدٌ لِكَوْنِه لا أَرْضَ له، فهو كما لو لم يَكُنِ السَّقْفُ له. ويَحْتَمِلُ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ؛ لأنَّ له قَرَارًا، فهو كالسُّفْلِ.

فصل: الشَّرط الثالث، أن يكونَ المَبِيعُ ممَّا يُمْكِنُ قِسْمَتُه، فأمَّا ما لا يُمْكِنُ قِسْمَتُه من العَقَارِ، كالحَمَّامِ الصَّغِيرِ، والرَّحَى الصَّغِيرَة، والعِضَادَةِ (٢٨)، والطَّرِيقِ الضَّيِّقَةِ، والعِرَاصِ (٢٩) الضَّيِّقَةِ، فعن أحمدَ فيها رِوَايَتانِ؛ إحْداهما، لا شُفْعَةَ فيه. وبه قال يحيى بن سَعِيدٍ، ورَبِيعَةُ، والشّافِعِيُّ. والثانية، فيها الشُّفْعَةُ. وهو قول أبي حينفةَ، والثَّوْرِيِّ، وابنِ سُرَيْجٍ وعن مالِكٍ كالرِّوَايَتَيْنِ. وَوَجْهُ هذا عُمُومُ قولِه عليه السّلامُ: "الشُّفْعَةُ فِيمَا لم يُقْسَمْ". وسائِرُ الأَلْفَاظِ العَامّةِ، ولأنَّ الشُّفْعَةَ ثَبَتَتْ لإِزَالَةِ ضَرَرِ المُشَارَكَةِ، والضَّرَرُ في هذا النَّوْعِ أكْثَرُ؛ لأنَّه يَتَأَبَّدُ ضَرَرُه. والأَوَّلُ ظاهِرُ المَذْهَبِ،


(٢٥) في الأصل: "يرو".
(٢٦) في ب، م: "الغراق". والغراف: ما يغرف به.
(٢٧) في م: "فيما".
(٢٨) عضادتا النِّير: خشبتان تكونان على جانبيه، وعضادتا الباب: خشبتان منصوبتان مثبتتان في الحائط على جانبيه.
(٢٩) في الأصل: "المعراص".

<<  <  ج: ص:  >  >>