للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختيارٍ، ولهذا فُوِّضَ إليه الاخْتيارُ ههُنا. ولا يصحُّ أَنَّ يختارَ مَنْ ليس نِكاحُها صَحِيحًا، وإنَّما اخْتُصّتِ الأُمُّ بفَسادِ نِكاحِها؛ لأنَّها تَحْرُمُ بمُجَرَّدِ العَقْدِ على ابْنَتِها على التَّأْبِيدِ، فلم يُمْكِنِ اخْتِيارُها، والبِنْتُ لا تَحْرُمُ قبلَ الدُّخولِ بأُمِّها، فتَعَيَّنَ النِّكاحُ فيها، بخِلافِ الأُخْتَيْنِ.

الفصل الثانى: إذا دَخَلَ بهما، حَرُمَتا على التَّأبِيدِ، الأُمُّ لأنَّها أمُّ زَوْجَتِه، والبنتُ لأنَّها رَبِيبَتُه من زَوْجَتِه التى دَخَلَ بها. قال ابنُ الْمُنْذِرِ: أجمعَ على هذا كلُّ مَنْ نحفظُ عنه من أهلِ العلمِ. وهذا قولُ الحسنِ، وعمرَ بن عبد العزيزِ، وقَتادةَ، ومالكٍ، وأهلِ الحجازِ، والثَّوْرىِّ، وأهلِ العِراقِ، والشافعىِّ، ومَنْ تَبِعَهُم. وإن دَخَلَ بالأُمِّ وَحْدَها، فكذلك؛ لأنَّ (٥) البِنْتَ تكونُ رَبِيبَتَه (٦) مَدْخُولًا بأُمِّها، والأُمُّ حَرُمَتْ بمُجَرَّدِ العَقْدِ على ابْنَتِها. وإن دَخَلَ بالبِنْتِ وحدَها، ثَبَتَ نِكاحُها، وفَسَدَ نكاحُ أُمِّها، كما لو لم يَدْخُلْ بهما (٧). ولو لم تُسْلِمْ معه إلَّا إحْداهما، كان الحكمُ كما لو أسْلَمَتا معه معًا؛ فإن كانت المُسْلِمةُ هى الأُمَّ، فهى مُحَرَّمة عليه على كل حالٍ، وإن كانت البنتَ، ولم يكُنْ دَخَلَ بأُمَّها (٨)، ثَبَتَ نِكاحُها، وإن كان دَخَل بأُمَّها، فهى مُحَرَّمة على التَّأْبِيد. ولو أسْلَمَ وله جارِيتانِ، إحداهما أُمُّ الأُخْرَى، وقد وَطِئَهما جميعًا، حَرُمَتَا عليه على التَّأْبِيدِ، وإن كان قد وَطِئَ إحْداهما، حَرُمَتِ الأُخْرَى على التَّأْبِيد، [تَحْرُمِ المَوْطوءةُ، وإن كان لم يَطَأْ واحدةً منهما (٩)، فله وَطْءُ أيَّتَهما شاء، فإذا وَطِئَها، حَرُمَتْ الأُخْرَى على التَّأْبِيد] (١٠). واللَّه أعلم.


(٥) فى الأصل، م: "أن".
(٦) فى ب: "ربيبة".
(٧) فى ب، م: "بها".
(٨) فى الأصل: "بها".
(٩) سقط من: ب، م.
(١٠) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>