للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإذا تزوَّجَ أُخْتَيْنِ فى حالِ كُفْرِه، فأسْلَمَ وأسْلَمَتا معًا قبلَ الدُّخولِ، فاختارَ إحداهُما، فلا مَهْرَ للأُخْرَى؛ لأنَّنا تبيَّنَّا أَنَّ الفُرْقةَ وقَعَتْ بإِسْلامِهِم جميعًا، فلا تَسْتَحِقُّ مَهْرًا، كما لو فَسَخَ النِّكاحَ لِعَيْبٍ فى إحداهما، ولأنَّه نكاحٌ لا يُقَرُّ عليه فى الإِسْلامِ، فلا يجبُ به مَهْرٌ إذا لم يَدْخُلْ بها، كما لو تزوَّجَ المَجوسِىُّ أخْتَه، ثم أسْلَما قبلَ الدُّخولِ. وهكذا الحكمُ فيما زاد على الأرْبَعِ إذا أسْلَمُوا جميعًا قبلَ الدُّخولِ، فاختارَ أرْبعًا، وانْفَسخَ نِكاحُ البواقِى، فلا مَهْرَ لهنَّ؛ لما ذكَرْنا. واللَّهُ أعلمُ.

١١٦٩ - مسألة؛ قال: (وَإِنْ كَانَتَا أُمًّا وبِنْتًا، فأَسْلَمَ وأَسْلَمَتا مَعًا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَسَدَ نِكَاحُ الأُمِّ، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بالأُمِّ فَسَدَ نِكاحُهُمَا)

الكلامُ فى هذه المسألة فى فصلين:

أحدهما: إذا كان إسْلامُهم جميعًا قبلَ الدُّخولِ، فإنَّه يَفْسُدُ نِكاحُ الأُمِّ، ويَثْبُتُ نكاحُ البِنْتِ. وهذا أحدُ قَوْلَى الشافعىِّ، واخْتيار المُزَنِىِّ. وقال فى الآخَرِ: يخْتارُ أيَّتَهما شاء؛ لأنَّ عَقْدَ الشِّرْكِ (١) إنما يَثْبُتُ له حكمُ الصِّحّةِ إذا انْضَمَّ إليه الاخْتيارُ، فإذا اخْتارَ الأُمَّ فكأنَّه لم يَعْقِدْ على البِنْتِ. ولَنا، قولُ اللَّه تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} (٢). وهذه أُمُّ زَوْجَتِه، فتَدْخُلُ فى عُمُومِ الآية، ولأنَّها أُمُّ زَوْجَتِه، فَتَحْرُمُ (٣) عليه، كما لو طَلّقَ ابْنَتَها فى حالِ شِرْكِه، ولأنَّه لو تزَوَّجَ البنتَ وَحْدَها، ثم طَلَّقَها، حَرُمَتْ عليه أُمُّها إذا أسْلَمَ، فإذا لم يُطَلِّقْها وتمَسَّكَ بنِكاحِها أَوْلَى. وقولُهم: إنَّما يَصِحُّ العَقْدُ بانْضِمامِ الاخْتيارِ إليه. غيرُ صحيحٍ، فإنَّ أنْكِحةَ الكُفَّارِ صحيحةٌ، يَثْبُتُ (٤) لها أحكامُ الصِّحَّةِ. وكذلك لو انْفَرَدَتْ كان نِكاحُها صحيحًا لازِمًا من غير


(١) فى ب: "المشرك".
(٢) سورة النساء ٢٣.
(٣) فى الأصل: "فحرم".
(٤) فى م: "ثبت".

<<  <  ج: ص:  >  >>