للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّهْر، قَلِيلًا حَفَرَ (١٠) أو كَثِيرًا. ويَحْتاجُ إلى مَعْرِفةِ الأرْضِ التي يَحْفِرُ فيها. وقال بعضُ أصْحابِنا: لا يَحْتَاجُ إلى مَعْرِفَتِها؛ لأنَّ الغَرَضَ لا يَخْتَلِفُ بذلك. والأَولُ أَوْلَى إن شاءَ اللهُ تعالى؛ لأنَّ الأرْضَ قد تكونُ صُلْبةً، فيكونُ الحَفْرُ عليه شاقًّا، وقد تكونُ سَهْلةً، فيَسْهُلُ ذلك عليه. وإن قَدَّرَه بالعَمَلِ، فلا بدَّ من مَعْرِفَةِ الوَضْعِ (١١) بالمُشَاهَدةِ؛ لأنَّ المَواضِعَ تَخْتَلِفُ بالسُّهُولةِ والصَّلَابةِ، ولا يَنْضَبِطُ ذلك بالصِّفَةِ ويَعْرِفُ دَوْرَ البِئْرِ، وعُمْقَها، وطُولَ النَّهْرِ، وعُمْقَه، وعَرْضَهُ؛ لأنَّ العَمَلَ يَخْتَلِفُ بذلك. فإذا حَفَرَ بِئْرًا، فعليه شَيْلُ التُّرَابِ (١٢)؛ لأنَّه لا يُمْكِنُه الحَفْرُ إلَّا بذلك، فقد تَضَمَّنَه العَقْدُ. فإن تَهَوَّرَ تُرَابٌ من جانِبَيْها، أو سَقَطَتْ فيه بَهِيمةٌ [أو نحو ذلك] (١٣)، لم يَلْزَمْه شَيْلُه، وكان على صاحِبِ البِئْرِ؛ لأنَّه سَقَطَ فيها من مِلْكِه، ولم يَتَضَمَّنْ عَقدُ الإِجَارةِ رَفْعَه. وإن وَصَلَ إلى صَخْرةٍ أو جَمادٍ يَمْنَعُ الحَفْرَ، لم يَلْزَمْه حَفْرُه؛ لأنَّ ذلك مُخَالِفٌ لما شَاهَدَه من الأرْضِ، وإنَّما اعْتُبِرَتْ مُشَاهَدةُ الأرْضِ لأنَّها تَخْتَلِفُ، فإذا ظَهَرَ فيها ما يُخَالِفُ المُشَاهدَةَ، كان له الخِيَارُ في الفَسْخِ، فإذا فَسَخَ، كان له من الأجْرِ بحِصَّةِ ما عَمِل فيُقَسَّطُ الأجْرُ على ما بَقِىَ وما عَمِلَ، فيقال: كم أجْرُ ما عَمِلَ؟ وكم أجْرُ ما بَقِىَ؟ ! ويُقَسَّطُ الأجْرُ المسَمَّى عليهما. ولا يجوزُ تَقسِيطُه على عَدَدِ الأذْرُعِ؛ لأنَّ أعْلَى البِئْرِ يسْهُلُ نَقْلُ التُّرابِ منه، وأسْفَلَه يَشُقُّ ذلك فيه. وإن نَبَعَ ما يَمْنَعُه (١٤) من الحَفْرِ، فهو بمَنْزِلةِ الصَّخْرةِ، على ما ذَكَرْنا.

فصل: ويجوزُ الاسْتِئْجارُ لِضَرْبِ اللَّبِنِ؛ لما ذَكَرْنا، ويكونُ على مُدَّةٍ أو عَمَلٍ، فإن قَدَّرَه بالعَمَلِ، احْتاجَ إلى تَبْيِينِ عَدَدِه، وذِكْرِ قَالَبِه، ومَوْضِعِ الضَّرْبِ؛ لأنَّ الأجْرَ يَخْتَلِفُ باخْتِلافِه؛ لكَوْنِ التُّرابِ في بعضِ الأماكِن أسْهَلَ، والماءِ أقْربَ. فإن


(١٠) في م: "حتى".
(١١) لعل الصواب: "الموضع".
(١٢) سقط من الأصل.
(١٣) سقط من الأصل.
(١٤) في الأصل: "منعه".

<<  <  ج: ص:  >  >>