للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه، ولأنَّه يجوزُ له الوَطْءُ مع إذْنِ الوَلِىِّ، فجاز مع عَدَمِه؛ لأنَّه ليس للوَلِىِّ الإِذْنُ فيما يَضُرُّ الصَّبِىَّ، ويُسْقِطُ حُقُوقَه.

فصل: وإن أجَرَتِ المرأةُ المُزَوَّجةُ نَفْسَها للرَّضاعِ، بإذْنِ زَوْجِها، جاز، ولَزِمَ العَقْدُ؛ لأنَّ الحَقَّ لهما، ولا يَخْرُجُ عنهما. وإن أجَرَتْها بغير إذْنِ الزَّوْجِ، لم يَصِحَّ؛ لما يتَضَمَّنُ من تَفْوِيتِ حَقِّ زَوْجِها. وهذا أحدُ الوَجْهَيْنِ لأصحابِ الشافعىِّ. والآخرُ، يَصِحُّ؛ لأنَّه تناوَلَ مَحَلًّا غيرَ مَحَلِّ النكاحِ، لكنْ للزَّوجِ فَسْخُه؛ لأنَّه يَفُوتُ به الاسْتِمتاعُ ويَخْتَلُّ. ولَنا، أنَّه عَقْدٌ يَفُوتُ به (١١) حَقُّ مَنْ ثَبَتَ له الْحَقُّ بعَقْدٍ سابِقٍ، فلم يَصِحَّ، كإجَارَةِ المُسْتَأْجَرِ.

١٤٠٧ - مسألة؛ قال: (وعَلَى الْأَبِ أنْ يَسْتَرْضِعَ لِوَلَدِهِ، إلَّا أنْ تَشَاءَ الْأُمُّ أنْ تُرْضِعَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا، فَتَكُونَ أحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهَا، سَواءٌ كَانَتْ في حِبَالِ الزَّوْجِ، أوْ مُطَلَّقةً)

الكلام في هذه المسألة في فَصْلين:

أولهما: أنَّ رَضاعَ الولَدِ على الأبِ وَحْدَه، وليس له إجبارُ أُمِّه على رَضاعِه، دَنِيئةً كانت أو شريفةً، سواءٌ كانت في حِبالِ الزَّوجِ أو مُطَلَّقةً. ولا نَعْلَمُ في عَدَمِ إجْبارِها على ذلك إذا كانتْ مُفَارَقَةً خلافًا، فأمَّا إن كانتْ مع الزَّوجِ، فكذلك عندَنا، وبه يقول الثَّوْرِىُّ، والشافعيُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال ابنُ أبي (١) لَيْلَى، والحسنُ ابن صالحٍ: له إجْبارُها على رَضاعِه (٢). وهو قولُ أبى ثَوْرٍ، وروايةٌ عن مالكٍ؛ لقولِ اللهِ تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} (٣).


(١١) سقط من: أ.
(١) سقط من: م.
(٢) في م: "رضاعها".
(٣) سورة البقرة ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>