للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه مَهْرٌ قليلٌ، فصَدَّقتْه (٧)، فليس لها سِوَاهُ، وإن أَنْكَرَتْه، فالقولُ قولُها؛ لأنَّها مُنْكِرَةٌ. وإن أقَرَّتْ به، وقالت: هما مَهْران فى نكاحَيْنِ. وقال: بل نكاحٌ واحدٌ، أسْرَرْناه ثم أظْهَرْناه. فالقولُ قولُها؛ لأنَّ الظاهرَ أَنَّ الثانىَ عَقْدٌ صحيحٌ يُفِيدُ حُكْمًا كالأوَّلِ، ولها المهرُ فى العَقْدِ الثانى، ونِصْفُ المهرِ فى العَقْدِ الأوَّلِ، إن ادَّعَى سُقُوطَ نِصْفِه بالطَّلاقِ قبلَ الدُّخولِ، وإن أصَرَّ على الإِنْكارِ، سُئِلَتِ المرأةُ، فإن ادَّعَتْ أنَّه دَخَلَ بها فى النِّكاحِ الأوَّلِ، ثم طَلّقَها طلاقًا بائِنًا، ثم نَكَحَها نِكاحًا ثانيًا، حَلَفَتْ على ذلك واسْتَحَقّتْ، وإن أقَرَّتْ بما يُسْقِطُ نِصْفَ المَهْرِ أو جَمِيعَه، لَزِمَها ما أقَرَّتْ به.

فصل: إذا تزَوَّجَ أرْبَعَ نِسْوَةٍ فى عقدٍ واحدٍ، بمهرٍ واحدٍ، مثل أن يكونَ لَهُنَّ وَلِىٌّ واحدٌ، كبَناتِ الأعْمامِ، أو مُوَلِّياتٌ لمَوْلًى واحدٍ، أو مَنْ ليس لهنَّ وَلِىٌّ، فزَوَّجَهُنّ الحاكِمُ، أو كان لهنَّ أوْلِياءُ فوَكَّلُوا وَكِيلًا واحدًا، فعَقَدَ نِكاحَهُنَّ مع رَجُلٍ، فقَبِلَه، فالنكاحُ صحيحٌ، والمهرُ صَحِيحٌ. وبهذا قال أبو حنيفةَ. وهو أشْهَرُ قولَى الشافعىِّ. والقول الثانى، أَنَّ المهرَ فاسِدٌ، ويجبُ مهرُ المِثْلِ؛ لأنَّ ما يجبُ لكل واحدةٍ منهنَّ من المهرِ غيرُ مَعْلُومٍ. ولَنا، أَنَّ الفَرْضَ فى الجُمْلةِ مَعْلومٌ، فلا يَفْسُدُ لجَهالَتِه فى التَّفْصيلِ، كما لو اشْترَى أرْبَعةَ أعْبُدٍ من رَجُلٍ بثَمَنٍ واحدٍ، وكذلك الصُّبْرَةُ بثَمنٍ واحدٍ، وهو لا يَعْلَمُ قَدْرَ قُفْزَانِها. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ الصَّداقَ يُقْسَمُ بينهنَّ على قَدْرِ مُهُورِهِنَّ فى قولِ القاضى، وابنِ حامدٍ. وهو قولُ أبى حنيفةَ، [وصاحِبَيْه] (٨)، والشافعىِّ. وقال أبو بكر: يُقْسَمُ بينهنَّ بالسَّوِيَّة؛ لأنَّه أضَافَه إليهنَّ إضافةً واحدةً، فكان بينهنَّ بالسَّوَاءِ (٩)، كما لو وَهَبه لهنَّ، أو أقَرَّ به لهنَّ، وكما لو اشترَى جماعةٌ ثوبًا بأثمانٍ مُخْتَلِفةٍ، ثم باعُوه مُرَابحةً أو مُساوَمةً، كان الثمنُ بينهم بالسَّواءِ، وإن اخْتَلَفتْ رُؤُوسُ أمْوالِهِم، ولأنَّ القَوْلَ بتقسِيطهِ يُفْضِى إلى جَهالةِ العِوَضِ لكلِّ واحدةٍ منهنَّ، وذلك يُفْسِدُه. ولَنا، أَنَّ الصَّفْقةَ


(٧) فى م: "قصد فيه".
(٨) سقط من: الأصل.
(٩) فى م: "بالسوية".

<<  <  ج: ص:  >  >>