للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَيْنُ القُطْنِ، وإنَّما تَغَيَّرَتْ صِفَتُه، والدَّقِيقَ أجْزَاءُ الحِنْطَةِ تفَرَّقَتْ، والطَّيْرَ هو أجْزَاءُ البَيْضَةِ اسْتَحَالَ، فكأنَّ البَيِّنَةَ قالت: هذا غَزْلُه ودَقِيْقُه وطَيْرُه. وليس كذلك الوَلَدُ (٥٠) والثَّمَرَةُ، فإنَّهما غيرُ الأُمِّ والشَّجَرَةِ. ولو شَهِدَا (٥١) أَنَّ هذه البَيْضَةَ من طَيْرِه، لم يُحْكُمْ له بها حتَّى يقُوَلا: باضَها فى مِلْكِه. لأنَّ البَيْضَةَ غيرُ الطَّيْرِ، وإنَّما هى من نَمَائِه، فهى كالوَلَدِ. ومذهبُ الشَّافِعِىِّ فى هذا الفَصْلِ كُلِّه؛ ذكَرْنا.

فصل: وإذا كانَتْ فى يَدِ زيدٍ دَارٌ، فادَّعَاها عمرٌو، وأَقامَ بَيِّنَةً أَنَّه اشْتَرَاها من خَالدٍ بثَمَنٍ مُسَمَّى نَقَدَه إيَّاه، أَوْ أَنَّ خَالِدًا وَهَبَه تِلْكَ الدَّارَ، لم تُقْبَلْ بَيِّنَتُه بهذا حتَّى يُشْهِدَ أن خَالِدًا باعَه إيَّاها، أو وَهَبَها له وهو يَمْلِكُها، أو يُشْهِدَ أنَّها دَارُ عمرٍو اشْتَراها من خالدٍ، أو يُشْهِدَ أنَّه بَاعَها أو وَهَبَها له، وسَلَّمَها إليه. وإنَّما لم تُسْمَعِ البَيِّنَةُ بمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ والهبَةِ؛ لأنَّ الإِنسانَ قد يَبِيعُ ما لا يَمْلِكُه ويَهَبُه، فلا تُقْبَلُ شهادتُهم به، فإنْ انَضَّم إلى ذلك الشهادةُ للبَائِعِ بالمِلْكِ، أو شَهِدُوا للمُشْتَرِى بالمِلْكِ، أو شَهِدُوا بالتَّسْلِيمِ، فقد شَهِدُوا بتقَدُّمِ اليَدِ، أو بالمِلْكِ للمُدَّعِى، أو لمن بَاعَه، فالظَّاهِرُ أنَّه مِلْكُه؛ لأنَّ اليَدَ تدُلُّ على المِلْكِ. وهذا مذهبُ الشَّافِعِىِّ، وإنَّما قِبلْنَاها وهى (٥٢) شهادَة بمِلْكٍ ماضٍ؛ لأنَّها شَهِدَتْ بالمِلْكِ مع السَّبَبِ، والظَّاهِرُ اسْتِمْرَارُه، بخِلافِ ما إذا لم يُذْكَرِ السَّبَبُ.

فصل: وإذا كان فى يَدِ رَجُلٍ طِفْلٌ لا يُعبِّرُ عن نَفْسِه، فادَّعى أنَّه مَمْلُوكُه، قُبِلَتْ دَعْوَاهُ، ولم يُحَلْ بيْنَه وبيْنَه؛ لأنَّ اليَدَ دَلِيلُ المِلْكِ، والصَّبِىُّ ما لم يُعَبِّرُ عن نَفْسِه، فهو كالبَهِيمَةِ والْمَتاعِ (٥٣)، إِلَّا أَنْ يُعْرَفَ أن (٥٤) سَبَبَ يَدِه غيرُ المِلْكِ، مثل أَنْ يلْتَقِطَه، فلا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ لرِقِّه؛ لأنَّ اللَّقِيطَ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِه، وأمَّا غيرُه فقد وُجِدَ فيه دليلُ المِلْكِ من غَيْرِ مُعارِضٍ، فيُحْكَمُ برِقِّه. فإذا بَلَغَ، فادَّعَى الحُرِّيَّةَ، لم تُقْبَلْ دَعْوَاهُ؛ لأنَّه مَحْكُومٌ


(٥٠) فى م: "بالولد".
(٥١) فى م: "شهدا".
(٥٢) سقط من: أ.
(٥٣) فى الأصل: "والمباع".
(٥٤) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>