للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَدخُلُ الدَّارَ، وقال: نوَيْتُ شهرًا. يُقْبَلُ منه. أو قال: إِذا دخَلْتِ دارَ فلانٍ فأنتِ طالقٌ. وَنوَى تلك السَّاعةَ، وذلك اليومَ. قُبِلَتْ نِيَّتُه. والرِّوايةُ الأُخرى، لا تُقبَلُ؛ فإنَّه قال: إذا قال لامرأتِه: أنتِ طالقٌ. وَنوَى فى نفسِه إلى سَنَةٍ، تَطْلُقُ. ليس يُنْظَرُ إلى نِيَّتِه. وقال: إذا قال: أنتِ طالقٌ. وقال: نَوَيْتُ إن دخَلْتِ الدَّارَ. لا يُصَدَّقُ. ويُمْكِنُ الجَمعُ بين هاتَيْنِ الرِّوايتَيْنِ، بأن يُحْبَكَ قولُه فى القَبُولِ، على أنَّه يَدِينُ فيما بينَه وبينَ اللَّهِ تعالى، وقولُه فى عدمِ القبولِ، على الحُكمِ، فلا يكونُ بينهما اخْتلافٌ، والفَرْقُ بينَ هذه الصُّورةِ والتى قبلَها، أن ارادةَ الخاصِّ بالعامِّ شائعٌ كثيرٌ، وإرادةَ الشَّرطِ من غيرِ ذكرِه غيرُ سائغٍ، فهو قريبٌ مِنَ الاسْتِثْناءِ. ويُمْكِنُ أن يُقالَ: هذا كلُّه مِن جُملةِ التَّخْصيصِ.

فصل: وإذا قالتْ له امرأةٌ من نِسائِه: طَلِّقْنِى. فقال: نِسائِى طَوالقُ. ولا نِيَّةَ له، طَلُقْنَ كُلُّهنَّ. بغيرِ خلافٍ؛ لأنَّ لَفْظَه عامٌّ. وإِن قالتْ له: طلِّقْ نساءَك. فقال: نسائِى طَوالقُ. فكذلك. وحُكِىَ عن مالكٍ، أَنَّ السَّائلةَ لا تَطْلُقُ فى هذه الصُّورةِ؛ لأنَّ الخطابَ العامَّ يُقْصَرُ على سَببِه الخاصِّ، وسببُه سؤالُ طَلاقِ مَنْ سِوَاها. ولَنا، أَنَّ اللَّفظَ عامٌّ فيها، ولم يُرَدْ به غيرُ مُقْتَضاه، فوجَبَ العملُ بعُمومِه، كالصُّورةِ الأُولى، والعملُ بعُمومِ اللَّفظِ أوْلَى مِن خُصوص السَّببِ؛ لأنَّ دليلَ الحُكْمِ هو اللَّفظُ، فيَجِبُ اتِّباعُه، والعملُ بمُقْتضاه فى خُصوصِه وعُمومِه، ولذلك لو كان أخَصَّ مِنَ السَّببِ، لَوجبَ قصرُه على خُصوصِه، واتباعُ صفةِ اللَّفظِ دونَ صفةِ السَّببِ، فإن أخرجَ السَّائلةَ (٤) بنِيَّتِه، دِينَ فيما بينَه وبينَ اللَّهِ تعالى فى الصُّورتينِ، وقُبِلَ فى الحُكْمِ فى الصُّورةِ الثَّانيةِ؛ لأنَّ خُصوصَ السَّببِ دليلٌ على نِيَّتِه، ولم يُقبَلْ فى الصُّورةِ الأُولى. قالَه ابنُ حامدٍ؛ لأنَّ طلاقَه جَوابٌ لسُؤالِها الطَّلاقَ لنفسِها، فلا يُصَدَّقُ فى صَرْفِه عنها؛ لأنَّه يُخالِفُ الظَّاهرَ من وَجْهيْنِ، ولأنَّها سببُ الطَّلاقِ، وسببُ الحُكْمِ لا يَجوزُ إخْراجُه


(٤) فى الأصل: "السائل".

<<  <  ج: ص:  >  >>