للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سِتًّا، وكانوا يُكَبِّرُونَ على أهْلِ بَدْرٍ خَمْسًا وسِتًّا وسَبْعًا. فإنَّ زادَ على سَبْعٍ لم يُتَابِعْهُ. نَصَّ عليه أحمدُ. وقال، في رِوَايَةِ أبي دَاوُدَ: إن زادَ على سَبْعٍ يَنْبَغِى أن يُسَبَّحَ به، ولا أعلم أحدًا قال بالزِّيَادَةِ على سَبْعٍ إلَّا عبدَ اللهِ بن مسعودٍ؛ فإنَّ عَلْقَمَةَ رَوَى أنَّ أصْحابَ عبدِ اللهِ قالوا له: إنَّ أصْحابَ مُعَاذٍ يُكَبِّرُونَ على الجَنَائِز خَمْسًا، فلو وَقَّتَّ لنا وَقْتًا. فقال: إذا تَقَدَّمَكم إمامٌ (١٢) فَكَبِّرُوا ما يُكَبِّرُ، فإنَّه لا وَقْتٌ ولا عَدَدٌ. رَوَاهُ سَعِيدٌ، والأثْرَمُ. والصَّحِيحُ أنَّه لا يُزَادُ على سَبْعٍ؛ لأنَّه لم يُنْقَلْ ذلك مِن فِعْلِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا أحَدٍ من أصْحابِه (١٣)، ولكن لا يُسَلِّمُ حتى يُسَلِّمَ إمامُه. قال ابنُ عَقِيلٍ: لا يَخْتَلِفُ قولُ أحمدَ إذا كَبَّرَ الإِمَامُ زِيادَةً على أرْبَعٍ، أنَّه لا يُسَلِّمُ قبلَ إمامِه، على الرِّوايَاتِ الثَّلَاث، بل يَتْبَعُه ويَقِفُ فَيُسَلِّمُ معه. قال الخَلَّالُ: العَمَلُ في نَصِّ قَوْلِه، وما ثَبَتَ عنه، أنَّه لم يُكَبِّرُ ما كَبَّرَ الإِمامُ إلى سَبْعٍ، وإن زَادَ على سَبْعٍ فلَا، ولا يُسَلِّمُ إلَّا مع الإِمامِ. وهو مذهبُ الشَّافِعِىُّ، في أنَّه لا يُسَلِّمُ قبل إمَامِه. وقال الثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ: يَنْصَرِفُ، كما لو قامَ الإِمامُ إلى خَامِسَةٍ، فَارَقَهُ، ولم يَنْتَظِرْ تَسْلِيمَهُ. قال أبو عبدِ اللهِ: ما أعْجَبَ حالَ الكُوفِيِّينَ، سُفْيَانُ يَنْصَرِفُ إذا كَبَّرَ الخامِسَةَ، والنَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَبَّرَ خَمْسًا، وفَعَلَهُ زَيْدُ بنُ أرْقَمَ وحُذَيْفَةُ، وقال ابنُ مسعودٍ: كَبِّرْ ما كَبَّرَ إمَامُكَ. ولأنَّ هذه زِيادَة قَوْلٍ مُخْتَلَفٍ فيه، فلا يُسَلِّمُ قبلَ إمامِه إذا اشْتغَل به، كما لو صَلَّى خلفَ مَن يَقْنُتُ في صَلَاةٍ يُخالِفُه الإِمامُ (١٤) في القُنُوتِ فيها. ويُخَالِفُ ما قَاسُوا عليه من وَجْهَيْنِ: أحدُهما، أنَّ الرَّكْعَةَ الخَامِسَةَ لا خِلافَ فيها. والثانى، أنَّها فِعْلٌ، والتَّكْبِيرَةُ الزَّائِدَةُ بِخِلَافِها، وكل تَكْبِيرَةٍ قُلْنا يُتَابِعُ الإِمامُ فيها فله فِعْلُها، وما لا فَلَا.

فصل: والأفْضَلُ أن لا يَزِيدَ على أَرْبَعٍ؛ لأنَّ فيه خُرُوجًا من الخِلافِ، وأكْثَرُ


(١٢) في م: "إمامكم".
(١٣) في م: "الصحابة".
(١٤) في أ: "المأموم".

<<  <  ج: ص:  >  >>