للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شُروعِه في الأيمانِ، فحَلَفَ بعضَها، فإنَّ ورثتَه يسْتأْنِفُونَ الأيْمانَ، ولا يَبْنُونَ على أَيْمانِه؛ لأنَّ الخمسين جَرتْ مَجْرَى اليَمِينِ الواحدةِ؛ ولأنَّه لا يجوزُ أن يسْتَحِقَّ [أخْذَ شيءٍ] (١٠) بِيَمِينِ (١١) غيرِه، ولا يَبْطُلُ هذا بما إذا حلَف جميعَ الأيْمان ثم مات؛ لأنَّه يسْتَحِقُّ المالَ إرْثًا عنه، لا بيَمِينِه، ولأنَّه (١٢) إذا حَلَفَ الوارثان، كلُّ واحدٍ خمسةً وعشرين يمينًا، فإنَّ الدِّيَةَ تُسْتَحَقُّ بيَمِينِهما؛ لأنَّهما يشْتركانِ في الأيْمانِ، ويَسْتَحِقُّ كلُّ واحدٍ بقَدْرِ أيْمانِه، ولا يَسْتَحِقُّ بيَمِينِ غيرِه، وإن كان اجْتماعُ العَدَدِ شَرْطًا في اسْتِحْقاقِها.

فصل: ولو حَلَفَ بعضَ الأيْمانِ، ثم جُنَّ، ثم أفاق، فإنَّه يُتَمِّمُ، ولا يَلْزَمُه الاسْتِئْنافُ؛ لأنَّ أيْمانَه وقَعتْ مَوْقِعَها، ويُفارقُ الموتَ؛ لأنَّ الموتَ يتَعذَّرُ معه إتْمامُ الأيْمانِ منه، وغيرُه لا يَبْنى على يَمِينِه، وههُنا يُمْكنُه أن يُتِمَّها إذا أفاقَ، ولا تَبْطُلُ بالتَّفْريقِ؛ بدليلِ أنَّ الحاكمَ إذا حَلَّفه بعضَ الأيْمان، ثم تشَاغلَ عنه، لم تبْطُلْ، ويُتَمِّمُهَا (١٣)، وما لا يُبْطِلُه التَّفْرِيقُ، لا يُبْطِلُه تخَلُّلُ الجُنونِ لَه، كالسَّعي بين الصَّفَا والمَرْوةِ. وإن حَلَفَ بعضَ الأيْمانِ، ثم عُزِلَ الحاكمُ، ووَلِيَ غيرُه، أتمَّها عندَ الثاني، ولم يَلْزَمْه اسْتئْنافُها؛ لأنَّ الأيمانَ وقَعتْ مَوْقِعَها. وكذلك لو حَلَفَ بعضَها، ثم سألَ الحاكمَ إنْظارَه، فأنْظَرَه، بنَى على ما مضَى، ولم يَلْزَمْه الاسْتِئْنافُ؛ لمَا ذكرْنا.

فصل: إذا رُدَّتِ الأيْمانُ على المُدَّعَى عليهم، وكان عَمْدًا، لم تَجُزْ على أكثرَ من واحدٍ، فيَحْلِفُ خمسين يَمينًا، وإن كانت عن غيرِ عَمْدٍ، كالخطإِ وشِبْهِ العَمْدِ، فظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، أنَّه لا قَسامَةَ في هذا؛ لأنَّ القَسامَةَ من شَرْطِها اللَّوْثُ، والعداوةُ إنَّما أثَرُها في تَعمُّدِ القتلِ، لا في خَطَئِه، فإنَّ احْتمالَ الخطإِ في العَدُوِّ (١٤) وغيرِه سَواءٌ.


(١٠) في م: "أحد".
(١١) في م: "يمينين".
(١٢) في الأصل: "ولا بما". وفي ب: "ولأنها".
(١٣) في ب، م: "ويتمها".
(١٤) في ب، م: "العمد".

<<  <  ج: ص:  >  >>