للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْتَدَأَ الصلاةَ جَالِسًا، والثانى علَى ما إذا ابْتَدَأَ الصلاةَ قَائِمًا، ثم اعْتَلَّ فَجَلَسَ، ومتى أمْكَنَ الجمعُ بين الحَدِيثَيْنِ وَجَبَ، ولم يُحْمَلْ على النَّسْخِ، ثم يحْتَمِلُ أن أبا بكرٍ كان الإِمامَ. قال ابنُ المُنْذِرِ: في بعض الأخْبَارِ أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَّى بالنَّاسِ، وفى بعضِها أنَّ أبا بُكَرٍ كان الإِمَامَ. وقالت عائشةُ: صَلَّى النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- خَلْفَ أبى بكرٍ في مَرَضِه الذي مات فيه قَاعِدًا (١٠). وقال أنَسٌ: صَلَّى النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-[في مَرَضِه] (١١) خَلْفَ أبي بكرٍ قَاعِدًا في ثَوْبٍ مُتَوَشِّحًا به (١٢). قال التِّرْمِذِىُّ: كِلَا الحَدِيثَيْنِ حَسَنٌ (١٣) صَحِيحٌ، ولا يُعْرَفُ للنَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- خَلْفَ أبى بكرٍ صَلَاةٌ إلَّا في هذا الحَدِيثِ. ورَوَى مالِكٌ عن رَبِيعَةَ الحَديثَ، قال: وكان (١٤) أبو بكرٍ الإِمام، وكان رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصَلِّى بِصلاةِ أبي بكرٍ. وقال: مَا مَاتَ نَبِىٌّ حَتَّى يَؤُمَّهُ رَجُلٌ من أُمَّتِه (١٥). قال مالِكٌ: العَمَلُ عنْدنا على حديثِ رَبِيعَةَ هذا، وهو أحَبُّ إلَىَّ. فإنْ قيل: لو كان أبو بكرٍ الإِمَام لَكانَ عن يَسَارِ رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-. قُلْنا: يحْتَمِلُ أنَّه فَعَلَ ذلك؛ لأنَّ وَرَاءَهُ صَفًّا.

فصل: فإنْ صَلَّوْا وَرَاءَه قِيَامًا، فَفِيهِ وَجْهانِ: أحَدُهما، لا تَصِحُّ صَلَاتُهم. أوْمَأَ إليه أحمدُ، فإنَّه قال: إن صَلَّى الإِمامُ جَالِسًا، والَّذِين خَلْفَهُ قِيَامًا، لم يَقتَدُوا بالإِمامِ، إنَّما اتِّبَاعُهُم له (١٦) إذا صَلَّى جَالِسًا صَلَّوْا جُلُوسًا؛ وذلك لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمَرَهم بالجُلُوسِ، ونَهَاهم عن القِيامِ، فقال في حَدِيثِ جابِرٍ: "إذا صَلَّى الإِمَامُ قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا، وإذا صَلَّى قائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، ولا تَقُومُوا والإِمَامُ جَالِسٌ، كَمَا يَفْعَلُ أهْلُ فَارِسَ بِعُظَمَائِهَا". فَقَعدْنَا والأمْرُ يَقْتَضِى الوُجُوبَ، والنَّهْىُ يَقْتَضِى فَسَادَ


(١٠) أخرجه الترمدى، في: باب من قوله: إذا صلى الإمام قاعدًا فصلوا قعودًا، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى ٢/ ١٥٧، ١٥٨. والإِمام أحمد، في: المسند ٦/ ١٥٩.
(١١) سقط من: الأصل.
(١٢) أخرجه الترمذي، في: باب منه، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى ٢/ ١٥٨.
(١٣) سقط من: الأصل.
(١٤) في الأصل: "فكان".
(١٥) انظر البيان والتحصيل ١/ ٢٩٨.
(١٦) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>