للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ (٧٨) مَنْ صَحَّ طَلاقُه، صَحَّ إِيلاؤُه، كالمُسْلِمِ، ومَنْ صَحَّتْ يَمِينُه عندَ الحاكِمِ، صَحَّ إِيلاؤُه كالْمُسْلِمِ.

فصل: ولا يُشْتَرَطُ فى الإِيلاءِ الغَضَبُ، ولا قَصْدُ الإِضْرارِ. رُوِىَ ذلك عن ابنِ مَسْعُودٍ. وبه قال الثَّوْرِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وأهْلُ العِراقِ، وابنُ المُنْذِرِ. ورُوِىَ عن علىٍّ رَضِىَ اللَّهُ عنه: ليس فى إِصْلاحٍ إِيلاءٌ (٧٩). وعن ابنِ عَبَّاسٍ، قال: إنَّما الإِيلاءُ فى الغَضَبِ (٨٠). ونحوُ ذلك عن الحسنِ، والنَّخَعِىِّ، وقَتادَةَ. وقال مالِكٌ، والأَوْزَاعِىُّ، وأبو عُبَيْدٍ: مَنْ حَلَفَ لا يَطَأُ زَوْجَتَه حتى تَفْطِمَ وَلَدَه، لا يكونُ إِيلاءً، إِذا أرادَ الإِصْلاحَ لِوَلَدِه. ولَنا، عُمُومُ الآيَةِ، ولأنَّه مانِعٌ [نَفْسَه عن] (٨١) جِماعِها بِيَمِينِه، فكان مُولِيًا، كحالِ الغَضَبِ، يُحَقِّقُه (٨٢) أَنَّ حُكْمَ الإِيلاءِ يَثْبُتُ لِحَقِّ الزَّوْجَةِ، فيجبُ أَنْ يَثْبُتَ سَواءٌ قَصَدَ الإِضْرارَ أو لم يَقْصِدْ، كاسْتِيفاءِ دُيُونِها، وإتْلافِ مالِها، ولأنَّ الطَّلاقَ والظِّهارَ وسائِرَ الأيْمانِ سَواءٌ فى الغَضَبِ والرِّضَى، فكذلك الإِيلاءُ، ولأنَّ حُكْمَ اليَمِينِ فى الكَفَّارَةِ وغيرِها سَواءٌ فى الغَضَبِ والرِّضَى، فكذلك فى الإِيلاءِ. وأمَّا إذا حَلَفَ أَنْ لا يَطَأَها حتى تَفْطِمَ وَلَدَه، فإنْ أرادَ وَقْتَ الفِطامِ، وكانتْ مُدَّتُه تَزِيدُ على أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فهو مُولٍ، وإِنْ أَرادَ فِعْلَ الفِطامِ، لم يكنْ مُولِيًا؛ لأَنَّه مُمْكِنٌ قبلَ الأرْبَعَةِ الأشْهُرِ، وليس بِمُحَرَّمٍ، ولا فيه تَفْوِيتُ حَقٍّ لها، فلم يكنْ مُولِيًا، كما لو حَلَفَ لا يَطَأُها حتى تَدْخُلَ الدَّارَ.

فصل: فِى الألْفاظِ التى يكونُ بها مُولِيًا، وهى ثلاثةُ أقْسامٍ؛ أحدُها، ما هو صَرِيحٌ


(٧٨) فى الأصل، م: "ولأنه".
(٧٩) أخرج نحوه البيهقى، فى: باب الإيلاء فى الغضب، من كتاب الإِيلاء. السنن الكبرى ٧/ ٣٨١، ٣٨٢. وسعيد بن منصور، فى: باب ما جاء فى الإِيلاء، من كتاب الطلاق. السنن ٢/ ٢٥. وابن أبى شيبة، فى: باب من قال: الإِيلاء فى الرضى والغضب. . .، من كتاب الطلاق. المصنف ٥/ ١٤١.
(٨٠) أخرجه سعيد بن منصور، فى: باب ما جاء فى الإِيلاء، من كتاب الطلاق. السنن ٢/ ٢٥.
(٨١) فى أ: "لنفسه من".
(٨٢) فى ب، م: "بحقه".

<<  <  ج: ص:  >  >>