للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-صلى اللَّه عليه وسلم- أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرٍ ما يخْرُجُ [منها من زَرْعٍ أو ثَمَرٍ (٤). وهذا عامٌّ في كلِّ ثَمَرٍ، ولا تَكَادُ بَلْدَةٌ ذاتُ أَشجْارٍ تَخْلُو من (٥) شَجَرٍ غيرِ النَّخِيلِ، وقد جاء في لَفْظِ بعض الأخْبارِ، أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ ما (٦) يَخْرُجُ] (٧) من النَّخْلِ والشَّجَرِ، ولأنَّه شَجَرٌ يُثْمِرُ كلَّ حَوْلٍ، فأشْبَه النَّخِيلَ والكَرْمَ، ولأنَّ الحاجةَ تَدْعُو إلى المُسَاقاةِ عليه، كالنَّخْلِ وأكْثَرَ؛ لِكَثْرَتِه، فجازَتِ المُسَاقاةُ عليه كالنَّخْلِ، ووُجُوبُ الزَّكَاةِ ليس من العِلَّةِ المُجَوِّزَةِ لِلْمُساقَاةِ، ولا أثَرَ له فيها، وإنَّما العِلَّةُ في (٨) ما ذَكَرْناه.

فصل: وأمَّا ما لا ثَمَرَ له من الشَّجَرِ، كالصَّفْصَافِ والجَوْزِ ونَحْوِهِما، أو له ثَمَرٌ غيرُ مَقْصُودٍ، كالصَّنَوْبَرِ والأَرْزِ، فلا تجوزُ المُسَاقاةُ عليه. وبه قال مالِكٌ، والشّافِعِىُّ. ولا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا؛ لأنَّه ليس بمَنْصُوصٍ عليه، ولا في مَعْنَى المَنْصُوصِ، ولأنَّ المُساقاةَ إنَّما تكونُ بِجُزْءٍ من الثمَرَةِ، وهذا لا ثَمَرَةَ له، إلَّا أن يكونَ ممَّا يُقْصَدُ وَرَقُه [أو زَهْرُه] (٩) كالتُّوتِ والوَرْدِ، فالقِيَاسُ يَقتَضِى جَوَازَ المُسَاقاةِ عليه؛ لأنَّه في مَعْنَى الثمَرِ، لكَوْنِه (١٠) نَمَاءٌ يَتَكَرَّرُ كلَّ عامٍ، ويُمْكِنُ أخْذُه والمُسَاقاةُ عليه بِجُزْءٍ منه، فيَثْبُتُ له مِثْلُ حُكْمِه.

فصل: وإن ساقَاهُ على ثَمَرَةٍ مَوْجُودَةٍ، فذَكَرَ أبو الخَطَّابِ فيها رِوَايَتَيْنِ؛ إحْداهما، تَجُوزُ. وهو اخْتِيارُ أبي بكرٍ، وقولُ (١١) مالِكٍ، وأبي يوسفَ، ومحمدٍ، وأبي


(٤) اللفظ الأول تقدم تخريجه في صفحة ٥٢٧.
واللفظ الثاني أخرجه أبو داود في: باب في المساقاة، من كتاب البيوع. سنن أبي داود ٢/ ٢٣٥. وابن ماجه، في: باب معاملة النخيل والكرم، من كتاب الرهون. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٢٤.
(٥) في الأصل: "عن".
(٦) في الأصل: "مما".
(٧) سقط من: ب.
(٨) سقط من: ب، م.
(٩) سقط من: م.
(١٠) في م: "لأنه".
(١١) في م: "وهو قول".

<<  <  ج: ص:  >  >>