للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولَنا، قَوْلُ اللهِ تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} (٣٦). والمُصَلِّى فيها أو على ظَهْرِها غيرُ مُسْتَقْبِلٍ لِجِهَتها، والنَّافِلَةُ مَبْنَاها على التَّخْفِيفِ والمُسامَحَةِ، بدَلِيلِ صَلاتِها قاعِدًا، وإلى غيرِ القِبْلَةِ، في السَّفَرِ على الرَّاحِلَةِ.

فصل: وتَصِحُّ النَّافِلَةُ في الكَعْبَةِ وعلى ظَهْرِها. لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا؛ لأنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَّى في البَيْتِ رَكْعَتَيْنِ (٣٧). إلَّا أنَّه إنْ صَلَّى تِلْقَاءَ البابِ أو على ظَهْرِها، وكان بين يَدَيْهِ شيءٌ من بِنَاءِ الكَعْبَةِ مُتَّصِلٌ بها، صَحَّتْ صَلاتُه، فإنْ لم يَكُنْ بين يَدَيْهِ شَىءٌ شَاخِصٌ، أو كان بين يَدَيْه آجُرٌّ مُعَبَّأٌ غيرُ مَبْنِىٍّ، أو خَشَبٌ غيرُ مَسْمُورٍ فيها، فقال أصْحابُنا: لا تَصِحُّ صَلاتُه؛ لأنَّه غيرُ مُسْتَقْبِلٍ لشىءٍ منها. وإن كان الخَشَبُ مَسْمُورًا، والآجُرُّ مَبْنيًّا، صَحَّتْ صَلاتُه؛ لأنَّ ذلكَ تابِعٌ لها. والأوْلَى أنَّه لا يُشْتَرَطُ كَوْنُ شيءٍ منها بين يَدَيْه؛ لأنَّ الوَاجِبَ اسْتِقْبَالُ مَوْضِعِها وهَوَائِها، دُونَ حِيطَانِها، بدليلِ ما لو انْهَدَمتِ الكَعْبَةُ، صَحَّتِ الصَّلاةُ إلى مَوْضِعِها، ولو صَلَّى على جَبَلٍ عالٍ يَخْرُجُ عن مُسَامَتَتِها، صَحَّتْ صَلاتُه إلى هَوَائِها، كذا ههُنا.

فصل: وفى الصَّلاةِ في المَوْضِعِ المَغْصُوبِ رِوَايتانِ: إحْدَاهما، لا تَصِحُّ. وهو أحدُ قَوْلَىِ الشَّافِعِيِّ. والثَّانِيةُ، تَصِحُّ. وهو قَوْلُ أبي حنيفةَ، ومَالِكٍ، والقَوْلُ الثَّانِى، للشَّافِعِيِّ؛ لأنَّ النَّهْىَ لا يَعُودُ إلى الصَّلاةِ، فلم يَمْنَعْ صِحَّتَها، كما لو صَلَّى وهو يَرَى غَرِيقًا، يُمْكِنُ (٣٨) إنْقَاذُه، فلم يُنْقِذْهُ، أو حَرِيقًا يَقْدِرُ على إطْفَائِه، فلم يُطْفِئْه،


(٣٦) سورة البقرة ١٥٠.
(٣٧) أخرجه أبو داود، في: باب الصلاة في الكعبة، من كتاب المناسك. سنن أبي داود ١/ ٤٦٧. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٤٦، ٦/ ١٥. وعن الصلاة في البيت انظر: ما أخرجه البخاري، في: باب الصلاة بين السوارى في غير جماعة، من كتاب الصلاة. صحيح البخاري ١/ ١٣٤. ومسلم، في: باب استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره، والصلاة فيها. . . إلخ من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٩٦٦. والنسائي، في: باب مقدار ذلك، من كتاب القبلة. المجتبى ٢/ ٤٩. والإمام مالك، في: باب الصلاة في البيت وقصر الصلاة وتعجيل الخطبة بعرفة، من كتاب الحج. الموطأ ١/ ٣٩٨. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ١١٣، ١٣٨، ٦/ ١٣.
(٣٨) في م: "يمكنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>