للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثل أن يُقَاطِعَه على حَصَادِ زَرْعٍ مُعَيَّنٍ. ويجوزُ أن يَسْتَأْجرَ رَجُلًا لِسَقْىِ زَرْعِه، وتَنْقِيَتِه، ودِيَاسِه، ونَقْلِه إلى مَوْضِعٍ مُعَيّنٍ. ويجوزُ أن يَسْتأْجِرَ رَجُلًا لِيَحْتَطِبَ له؛ لأنَّه عَمَلٌ مُباحٌ تَدْخُلُه النِّيابةُ، أشْبَهَ حَصَادَ الزَّرعِ. قال أحمدُ، في رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أجِيرًا على أنْ يَحْتَطِبَ له على حِمَارَيْنِ كلَّ يومٍ، فكان الرَّجُلُ يَنْقُلُ عليهما وعلى حَمِيرٍ لِرَجُلٍ آخَرَ، ويَأْخُذُ منه الأُجْرَةَ. فإن كان يَدْخُلُ عليه ضَرَرٌ، يَرْجِعُ عليه بالقِيمَةِ. فظاهِرُ هذا أنَّ المُسْتَأْجِرَ يَرْجِعُ على الأجِيرِ بقِيمَةِ ما اسْتَضَرَّ باشْتِغالِه (٢٣) عن عَمَلِه؛ لأنَّه قال: إن كان يَدْخُلُ عليه ضَرَرٌ يَرْجِعُ عليه (٢٤) بالقِيمَةِ. فاعْتَبَرَ الضَّرَرَ، وظاهِرُ هذا (٢٤) أنَّه إذا لم يَسْتَضِرَّ، لا يَرْجِعُ بشيءٍ؛ لأنَّه اكْتَراه لِعَمَلٍ، فوَفَّاهُ على التَّمامِ، فلم يَلْزَمْهُ شيءٌ، كما لو اسْتَأْجَرَه لِعَمَلٍ، فكان يَقْرَأُ القُرْآنَ في حال عَمَلِهِ، فإن ضَرَّ المُسْتَأْجِرَ، رجَع (٢٥) عليه بقِيمَةِ ما فَوَّتَ عليه. ويَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ أنّه يَرْجِعُ عليه بقِيمَةِ ما عَمِلَه لغيرِه؛ لأنَّه صَرَفَ مَنَافِعَه المَعْقُودَ عليها إلى عَملِ غيرِ المُسْتَأْجِرِ، فكان عليه قِيمَتُها، كما لو عَمِلَ لِنَفْسِه. وقال القاضِى: معناه أنَّه يَرْجِعُ عليه بالأجْرِ الذي أخَذَه من الآخَرِ، لأنَّ مَنَافِعَه في هذه المُدَّةِ مَمْلُوكةٌ لغيرِه، فما حَصَلَ في مُقَابَلَتِها يكونُ للذى اسْتَأْجَرَه.

فصل: ويجوزُ الاسْتِئْجارُ لِاسْتِيفاءِ القِصَاصِ، في النَّفْسِ [وما دُونَها] (٢٦). وبه قال مالِكٌ، والشافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ. وقال أبو حنيفةَ: لا يجوزُ في النَّفْسِ؛ لأنَّ عَدَدَ الضَّرَباتِ تَخْتَلِفُ، ومَوْضِعَ الضَّرَباتِ غيرُ مُتَعَيَّنٍ، إذْ يُمْكِنُ أن يَضْرِبَ ممَّا [يَلِى الرَّأْسَ وممَّا] (٢٧) يَلِى الكَتِفَ، فكان مَجْهُولًا. ولَنا، أنَّه حَقٌّ يجوزُ التَّوْكِيلُ في اسْتِيفائِه، لا يَخْتَصُّ فاعِلُه بكَوْنِه من أهْلِ القُرْبةِ، فجازَ الاسْتِئْجارُ عليه، كالقِصَاصِ في الطَّرفِ. وقولُه: إنَّ عَدَدَ الضَّرَباتِ يَخْتَلِفُ، وهو مَجْهُولٌ. يَبْطُلُ بخِيَاطةِ


(٢٣) في الأصل: "باستعماله".
(٢٤) سقط من: الأصل.
(٢٥) في ب، م: "يرجع".
(٢٦) في م: "فما دونهما".
(٢٧) سقط من: ب. نقل نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>