للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَساوِيَ قِيمَتِهم، وإن اختلفَتْ قِيمَتُهم لم يَجْرِ بينهم قِصاصٌ. وينْبَغِي أن يَخْتَصَّ هذا بما إذا كانتْ قِيمةُ القاتلِ أكثرَ، فإن كانتْ أقلَّ فلا. وهذا قولُ عطاءٍ. وقال ابنُ عباسٍ: ليس بين العبيد قِصاصٌ، في نَفْسٍ ولا جُرْحٍ؛ لأنَّهم أمْوالٌ. ولَنا، أنَّ اللهَ تعالى قال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} (١٦). وهذا نَصٌّ من (١٧) الكِتابِ، فلا يجوزُ خِلافُه، ولأنَّ (١٨) تَفَاوُتَ القِيمةِ كتَفاوُتِ الآيَةِ والفَضائِلِ، فلا يَمْنَعُ القِصاصَ كالعِلْمِ والشَّرَفِ، والذُّكُورِيَّةِ والأُنُوثِيَّةِ.

فصل: ويجْرِى القِصاصُ بينهم فيما دُونَ النَّفْسِ. وبه قال عمرُ بن عبد العزيزِ، وسالمٌ، والزُّهْرِيُّ، وقَتادةُ، ومالكٌ، والشافعيُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. وعن أحمدَ، رِوايةٌ أُخْرى: لا يجْرِى القِصاصُ بينهم فيما دُونَ النَّفْسِ. وهو قولُ الشَّعْبِيِّ، والنَّخَعِيِّ، والثَّوْرِيِّ، وأبي حنيفةَ؛ لأنَّ الأطْرافَ مالٌ، فلا يجْرِى القِصاصُ فيها، كالبَهائمِ، ولأنَّ التَّساوِيَ في الأطْرافِ مُعْتَبَرٌ في جَرَيانِ القِصاصِ، بدليلِ أنَّا لا نأخُذُ الصَّحِيحةَ بالشَّلَّاءِ، ولا كامِلةَ الأصابعِ بالناقِصَةِ، وأطْرافُ العَبِيدِ لا تَتَساوَى. ولنا، قولُ اللَّه تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} (١٩). الآية، ولأنَّه أحَدُ نَوْعَيِ القِصاصِ، فجَرَى بين العَبِيدِ، كالقِصَاصِ في النَّفْسِ.

فصل: وإذا وَجَبَ القِصاصُ في طَرَفِ العبدِ، وَجَبَ للعبدِ، وله اسْتِيفاؤُه والعَفْوُ عنه.

فصل (٢٠): ولو قَتَلَ عبدٌ عبدًا، ثم عَتَقَ القاتِلُ، قُتِلَ به. وكذلك لو جَرَحَ عبدٌ


(١٦) سورة البقرة ١٧٨.
(١٧) في ب: "في".
(١٨) سقطت الواو من: م.
(١٩) سورة المائدة ٤٥.
(٢٠) في ب زيادة: "قال".

<<  <  ج: ص:  >  >>