للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٣٥ - مسألة؛ قال: (وإذَا بَاعَ مَاشِيَةً قَبْلَ الحَوْلِ بمِثْلِها، زكَّاهَا إذَا تَمَّ حَوْلٌ مِنْ وَقْتِ مِلْكِهِ الْأوَّلِ)

وجُمْلَتُه أنَّه إذا باعَ نِصابًا لِلزكاةِ، ممَّا يُعْتَبَرُ فيه الحَوْلُ بِجِنْسِه، كالإِبِلِ بالإِبِلِ، أو البَقَرِ بالبَقَرِ، أو الغَنَمِ بالغَنَمِ، أو الذَّهَبِ بالذَّهَبِ، أو الفِضَّةِ بالفِضَّةِ، لم يَنْقَطِع الحَوْلُ، وَبنَى حَوْلَ الثَّانِي على حَوْلِ الأوَّل. وبهذا قال مَالِكٌ. وقال الشَّافِعِيُّ: لا يَنْبَنِى حَوْلُ نِصابٍ على حَوْلِ غَيْرِه بِحَالٍ؛ لِقَوْلِه: "لا زَكَاةَ في مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الحَوْلُ" (١). ولأنَّه أصْلٌ بِنَفْسِه، فلم يَنْبَنِ على حَوْلِ غيرِه، كما لو اخْتَلَفَ الجِنْسَانِ. وَوَافَقَنَا أبو حنيفةَ في الأثْمَانِ. وَوَافَقَ الشَّافِعِيَّ فيما سِواهَا؛ لأنَّ الزكاةَ إنَّمَا وَجَبَتْ في الأثْمَانِ لِكَوْنِها ثَمَنًا، وهذا المَعْنَى يَشْمَلُها، بخِلَافِ غيرِها. ولَنا، أنَّه نِصَابٌ يُضَمُّ إليه نَماؤُهُ في الحَوْلِ، فبُنِىَ حَوْلُ بَدَلِهِ من جِنْسِه على حَوْلِهِ، كالعُرُوضِ، والحَدِيثُ مَخْصُوصٌ بالنَّمَاءِ والرِّبْحِ والعُرُوضِ، فنَقِيسُ عليه مَحَلَّ النِّزَاعِ، والجِنْسانِ لا يُضَمُّ أحَدُهما إلى الآخَر مع وُجُودِهما. فأوْلَى أنْ لا يُبْنَى حَوْلُ أحَدِهِما على الآخَرِ.

فصل: قال أحمدُ بنُ سَعِيدٍ (٢): سألتُ أحمدَ، عن الرَّجُلِ يكونُ عندَه غَنَمٌ سَائِمَةٌ، فيَبِيعُها بِضِعْفِها من الغَنمِ، [أعليه أن يُزَكِّيَها] (٣) كُلَّها، أم يُعْطِىَ زكاةَ الأصْلِ؟ قال: بل يُزَكِّيها كُلَّها، على حَدِيثِ عمرَ في السَّخْلَةِ يَرُوحُ بها الرَّاعِى (٤)؛ لأنَّ نَمَاءَها معها. قلتُ: فإن كانت لِلتِّجَارَةِ؟ قال: يُزَكِّيها كُلَّها


(١) تقدم تخريجه في صفحة ٤٦.
(٢) ممن نقل عن الإمام أحمد، واسمه أحمد بن سعيد ثلاثة؛ أبو العباس اللحياني، وأبو عبد اللَّه الرباطي، وأبو جعفر الدارمي. انظر: طبقات الحنابلة ١/ ٤٥.
(٣) في أ، م: "أيزكيها".
(٤) تقدم تخريجه في صفحة ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>