للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العِوَضِ. وهو قولُ أبى حنيفةَ، ومالكٍ، والأَوْزاعِىِّ. وقد ذكَرْنا هذا فيما تقَدّمَ. فأمَّا إِنْ كان قادِرًا على أداءِ المالِ كلِّه، ففيه رِوايةٌ أُخْرَى، أنَّه يَصِيرُ حُرًّا بِمِلْكِ ما يُؤَدِّى. وقد سَبَقَ ذِكْرُها.

فصل: وإذا حَلَّ النَّجْمُ والمكاتَبُ غائِبٌ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه، فله الفَسْخُ. وإن كان سافَرَ بإذْنِه، لم يكُنْ له أَنْ يَفْسَخَ؛ لأَنَّه أذِنَ فى السَّفَرِ المانعِ من الأداءِ، ولكنْ يَرْفَعُ أمْرَه إلى الحاكِم، [ويُثْبِتُ عندَه حُلُولَ مالِ الكِتابةِ، ليَكْتُبَ الحاكمُ إلى المُكاتَبِ، فيَعْلَمَ بما ثَبَتَ عِنْدَه، فإنْ كان عاجِزًا عن أداءِ المالِ، كَتَبَ بذلك إلى الحاكمِ] (١٨) الكاتبِ، لِيَجْعَلَ للسَّيِّدِ فَسْخَ الكِتابةِ. وإن كان قادِرًا على الأداءِ، طالَبَه بالخُرُوجِ إلى البَلَدِ الذى فيه السَّيِّدُ، ليُؤَدِّىَ مالَ الكِتابةِ، أو يُوَكِّلَ مَنْ يَفْعَلُ ذلك، فإن فَعَلَه فى أولِ حالِ الإِمكانِ، عندَ خُرُوجِ القافلةِ، إِنْ كان لا يُمْكِنُه الخروجُ إِلَّا معها، لم يَجُزِ الفَسْخُ، وإِنْ أخَّرَه عن حالِ الإِمكانِ، ومَضَى زَمَنُ المسيرِ (١٩)، ثَبَت للسَّيِّدِ خِيارُ الفَسْخِ. فإن [وَكَّلَ السَّيِّدُ فى بَلَدِ المكاتَبِ مَنْ يَقْبضُ منه مالَ الكِتابةِ، لَزِمَه الدَّفْعُ إليه، فإن امْتَنَعَ من الدَّفْعِ، ثَبَتَ للسَّيِّدِ خِيارُ الفَسْخِ] (٢٠). وإن كان قد جَعَلَ للوكيلِ الفَسْخَ عندَ امتناعِ المُكاتَب مِن الدَّفْعِ إليه، جاز، وله الفَسْخُ إذا ثَبَتتْ وكالَتُه ببَيِّنةٍ، بحيث يَأْمَنُ المكاتَبُ إنْكارَ السَّيِّدِ وَكالَتَه. وإن لم يَثْبُتْ ذلك، لم يَلْزَمِ الْمكاتبَ الدَّفْعُ إليه، وكان له عُذْرٌ يَمْنَعُ جَوازَ الفَسْخِ؛ لأَنَّه لا يَأْمَنُ أَنْ يُسَلِّمَ إليه، فيُنْكِرَ السَّيِّدَ وَكالَتَه، ويَرْجعَ على المُكاتَبِ بالمالِ، وسَواءٌ صَدَّقَه فى أنَّه وكيلٌ أو كَذَّبَه. وإن كَتَبَ حاكمُ البَلَدِ الذى فيه السَّيِّدُ، إلى حاكمِ البَلَدِ الذى فيه المُكاتَبُ، ليَقْبِضَ منه المالَ، لم يَلْزَمْه ذلك؛ لأنَّ هذا تَوْكيل لا يَلْزَمُ الحاكمَ الدُّخولُ فيه، فإِنَّ الحاكِمَ لا يُكَلَّفُ القَبْض للبالغِ الرَّشيدِ، فإن اخْتارَ القَبْضَ، جَرَى مَجْرَى الوَكيلِ، ومتى قَبَضَ منه المالَ، عَتَقَ.

فصل (٢١): وإذا دَفَعَ العِوَضَ فى الكِتابةِ، فبان مُسْتَحَقًا، تَبَيَّنَ أنَّه لم يَعْتِقْ، وكان هذا


(١٨) سقط من: أ، ب. نقل نظر.
(١٩) فى ب: "السير".
(٢٠) سقط من: الأصل، أ، ب. نقل نظر.
(٢١) فى الأصل، م زيادة: "قال".

<<  <  ج: ص:  >  >>