للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثانيةَ بِنصْفِ المَفْرُوضِ، مع تَقْسِيمهِ للنساءِ (١٧) قِسْمَينِ، وإثْباتِه لكلِّ قِسْمٍ حُكْمًا، فيدُلُّ ذلك على اخْتصاص كلِّ قسمٍ بحُكْمِه، وهذا يَخُصُّ ما ذكَرُوه. ويَحْتَمِلُ أن يُحْمَلَ الأمرُ بالْمَتاعِ فى غيرِ المُفَوَّضةِ على الاسْتِحْبابِ؛ لدلالةِ الآيتَيْنِ اللَّتَينِ ذكَرناهما على نَفْى وُجُوبِها، جَمْعًا بين دلالةِ الآياتِ والمعنى، فإنَّه عِوَضٌ واجبٌ فى عَقْدٍ، فإذا سُمِّىَ فيه عِوَضٌ صحِيحٌ، لم يَجِبْ غيرُه، كسائرِ عُقُودِ المُعاوَضةِ، ولأنَّها لا تجِبُ لها المُتْعةُ قبلَ الفُرْقةِ، ولا ما يقومُ مَقامَها، فلم تجِبْ لها عندَ الفُرْقةِ، كالمُتَوَفَّى عنها زَوْجُها.

فصل: ولو طَلَّقَ المُسَمَّى لها بعدَ الدُّخولِ، أو المُفَوّضةَ المَفْرُوضَ لها بعد الدُّخُولِ، فلا مُتْعةَ لواحدةٍ منهما، إلَّا على روايةِ حَنْبَلٍ. وقد ذكَرْنا ذلك، وذكَرْنا قولَ مَنْ ذَهَبَ إليه. وظاهرُ المذهبِ: أنَّه لا مُتْعةَ لواحدةٍ منهما، وهو قولُ أبى حنيفةَ. وللشافعىِّ قَوْلان، كالرِّوايتَيْنِ، وقد ذكرنا ذلك. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه يُسْتَحَبُّ أن يُمَتِّعَها (١٨). نصَّ عليه أحمدُ، فقال: أنا أُوجِبُها على مَنْ لم يُسَمِّ لها صَداقًا، فإن كان (١٩) سَمَّى صَداقًا، فلا أُوجِبُها عليه، وأسْتَحِبُّ أن يُمَتِّعَ وإن سَمَّى لها صَداقًا. وإنَّما اسْتَحَبَّ ذلك لعُمُوم النَّصِّ الواردِ فيها، ودَلالتِها فى إيجابِها، وقولِ علىٍّ رضى اللَّه عنه ومَنْ سَمَّيْنا من الأئمَّةِ بها، فلمَّا امْتَنَعَ الوُجُوبُ لدلالةِ الآيتَيْنِ المذْكورَتَيْنِ على نَفْى الوُجُوبِ، ودلالةِ المَعْنَى المذكور عليه، تَعَيَّنَ حَمْلُ الأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عليها على الاسْتِحْبابِ، أو على أنَّه أُرِيدَ بها (٢٠) الخُصُوصُ. وأمَّا المُتَوَفَّى عنها، فلا مُتْعةَ لها بالإجْماعِ؛ لأنَّ النصَّ العامَّ لم يَتَنَاوَلْها، وإنَّما تناوَلَ (٢١) المُطَلَّقاتِ، ولأنَّها أخَذَتِ


(١٧) فى م: "النساء".
(١٨) فى ب، م: "يمتعهما".
(١٩) فى ب زيادة: "قد".
(٢٠) فى أ، ب، م: "به".
(٢١) فى م: "يتناول".

<<  <  ج: ص:  >  >>