للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتاب الرَّضاع

الأصلُ في التحريمِ بالرَّضاعِ الكتابُ والسُّنَّةُ والإِجماعُ؛ أمَّا الكتابُ فقولُ اللَّه تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} (١). ذكرهم (٢) اللهُ سبحانه في جُمْلَةِ المُحَرَّماتِ. وأمَّا السُّنَّةُ، فما روَت عائشةُ، أنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إنَّ الرَّضاعَةَ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الوِلَادَةُ". مُتَّفَقٌ عليه (٣). وفى لفظٍ: "يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ ما يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ". روَاه النَّسَائِيُّ (٣). وعن ابنِ عباسٍ، قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في بِنْتِ حَمْزَةَ: "لَا تَحِلُّ لِى، يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ، وَهِىَ ابْنَةُ أخِى مِنَ الرَّضَاعةِ". مُتَّفَقٌ عليه (٣). في أخبارٍ كثيرة، نَذْكُر أكْثَرَها إن شاء اللَّه تعالى في تَضاعِيفِ الباب. وأجْمَعَ عُلَماءُ الأُمَّةِ على التَّحْريمِ بالرَّضَاعِ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ تَحْريمَ الأُمِّ والأُخْتِ ثَبَتَ بنَصِّ الكتابِ، وتَحْريمَ البِنْتِ ثَبَتَ بالتَّنْبِيه، فإنَّه إذا حُرِّمَتِ الأُخْتُ فالبِنْتُ أوْلَى، وسائِرُ المُحَرَّماتِ ثَبَتَ تَحْرِيمُهُنَّ بالسُّنَّةِ. وتَثْبُتُ المَحْرَمِيَّةُ، لأنَّها فَرْعٌ على التَّحْرِيمِ إذا كان بِسَبَبٍ مُباحٍ، فأمَّا بَقِيَّةُ أحْكامِ النَّسَبِ؛ من النفقةِ، والعِتْقِ، ورَدِّ الشهادةِ، وغيرِ ذلك، فلا يتَعَلَّقُ به؛ لأنَّ النَّسَبَ أقْوَى منه، فلا يُقاسُ عليه في جميعِ أحْكامِه، وإنَّما يُشَبَّه به فيما نصَّ عليه فيه.

١٣٦٧ - مسألة؛ قال أبو القاسم، رحمه اللَّه: (والرَّضاعُ الَّذِى لَا يُشَكُّ فِي تَحْرِيمِهِ، أنْ يَكُونَ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فَصَاعِدًا)


(١) سورة النساء ٢٣.
(٢) في أ، ب، م: "ذكرهما".
(٣) تقدم التخريج، في: ٩/ ٥١٣، ٥١٩، ٥٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>