للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَاوُدَ: سمعتُ أحمدَ، وسُئِلَ: يُكَفَّنُ المَيِّتُ من الزكاةِ؟ قال: لا، ولا يُقْضَى من الزكاةِ دَيْنُ المَيِّتِ. وإنَّما لم يُجِزْ دَفْعَها في قَضَاءِ دَيْنِ المَيِّتِ؛ لأنَّ الغارِمَ هو المَيِّتُ ولا يُمْكِنُ الدَّفْعُ إليه، وإن دَفَعَها إلى غَرِيمِه صارَ الدَّفْعُ إلى الغَرِيمِ لا إلى الغَارِمِ. وقال أيضا: يُقْضَى من الزكاةِ دَيْنُ الحَيِّ، ولا يُقْضَى منها دَيْنُ المَيِّتِ؛ لأنَّ المَيِّتَ لا يَكُونُ غَارِمًا. قيل: فإنَّما يُعْطى أهْلُه. قال: إن كانتْ على أهْلِه فنَعْمَ.

فصل: وإذا أعْطَى مَن يَظُنُّه فَقِيرًا فبانَ غَنِيًّا. فَعن أحمدَ فيه رِوايَتانِ: إحْدَاهُما، يُجْزِئُهُ. اخْتارَها أبو بكرٍ. وهذا قَوْلُ الحسنِ، وأبي عُبَيْدٍ، وأبي حنيفةَ؛ لأنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعْطَى الرُّجَلَيْنِ الجَلْدَيْنِ، وقال: "إن شِئْتُما أعطَيْتُكُما مِنْهَا، ولَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ، ولَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ" (١٢). وقال لِلرَّجُلِ الذي سَألَه الصَّدَقَةَ: "إنْ كُنْتَ مِن تِلْكَ الأجْزَاءِ أعْطَيْتُكَ حَقَّكَ" (١٣). ولو اعْتَبَرَ حَقِيقَةَ الغِنَى لَما اكْتَفَى بِقَوْلِهم. ورَوَى أبو هُرَيْرَةَ، عن رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال: "قال رَجُلٌ: لَأتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ فَخَرَجَ بِصَدَقَتِه، فَوَضَعَها في يَدِ غَنِيٍّ، فَأصْبَحُوا يتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى غَنِيٍّ. فأُتِيَ فَقِيلَ له: أمَّا صَدَقَتُكَ فَقَدْ قُبِلَتْ (١٤)، لَعَلَّ الغَنِيَّ أن يَعْتَبِرَ فَيُنْفِقَ مِمَّا أعْطَاهُ اللهُ". [مُتَّفَقٌ عليه] (١٥). والرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، لا يجْزِئُهُ؛ لأنَّه دَفَعَ الوَاجِبَ إلى غيرِ مُسْتَحِقِّهِ، فلم يَخْرُجْ مِن عُهْدَتِه، كما لو دَفَعَها


(١٢) تقدم تخريجه في صفحة ١١٧.
(١٣) تقدم تخريجه في صفحة ١٢٤.
(١٤) في الأصل، ب: "تقبلت".
(١٥) في الأصل، أ، ب: "رواه النسائي".
وأخرجه البخاري، في: باب إذا تصدق على غني وهو لا يعلم، من كتاب الزكاة ٢/ ١٣٧، ١٣٨. ومسلم، في: باب ثبوت أجر المتصدق وإن وقعت الصدقة في يد غير أهلها، من كتاب الزكاة. صحيح مسلم ٢/ ٧٠٩.
كما أخرجه النسائي، في: باب إذا أعطاها غنيا وهو لا يشعر، من كتاب الزكاة. المجتبى ٥/ ٤٢. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٣٢٢، ٣٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>