للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحَادِيثِ في الأمْرِ به، والحَثِّ عليه، فَخَرجَ كَلَامُه مَخْرَجَ كَلَامِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإلَّا فقد صَرَّحَ في رِوَايةِ حَنْبَلٍ، فقال: الوِتْرُ ليس بِمَنْزِلَةِ الفَرْضِ، فلو أنَّ رَجُلًا صَلَّى الفَرِيضَةَ وَحْدَها، جَازَ له، وهما سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ؛ الرَّكْعَتَانِ قبلَ الفَجْرِ، والوِترُ (٤٤)، فإن شَاءَ قَضَى الوِتْرِ، وإن شَاءَ لم يَقْضِهِ، وليس هما بِمَنْزِلَةِ المَكْتُوبَة. واخْتَلَفَ أصْحَابُنا في الوِتْرِ ورَكْعَتَىِ الفَجْرِ، فقال القاضي: رَكْعَتَا الفَجْرِ آكَدُ من الوِتْرِ؛ لاخْتِصَاصِهِما بعَدَدٍ لا يزَيدُ ولا يَنْقُصُ، فأشْبَهَا المَكْتُوبَةَ. وقال غيرُه: الوِتْرُ آكَدُ. وهو أَصَحُّ؛ فإنَّه (٤٥) مُخْتَلَفٌ في وُجُوبِه، وفيه من الأخْبَارِ ما لم يَأْتِ مثلُه في رَكْعَتَىِ الفَجْرِ، لكن رَكْعَتَا الفَجْرِ تَلِيهِ في التَّأْكِيدِ، واللهُ أعلمُ.

فصل: ووَقْتُه ما بين العِشَاءِ وطُلُوعِ الفَجْرِ الثَّانى، فلو أَوْتَرَ قبلَ العِشَاءِ، لم يَصِحَّ وِتْرُهُ. وقال الثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ: إنْ صَلَّاهُ قبلَ العِشَاءِ ناسِيًا لم يُعِدْه، وخَالَفَه صَاحِبَاه. فقالا: يُعِيدُ. وكذلك قال مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ؛ فإنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الوِتْرُ جَعَلَه اللهُ لَكُمْ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إلَى طُلُوعِ (٤٦) الفَجْرِ" (٤٧). [وفيه حَدِيثُ أبى بَصْرَةَ: "إنَّ اللهَ زَادَكُمْ صَلَاةً، فَصَلُّوها مَا بَيْنَ الْعِشَاءِ إلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ"] (٤٨). وفى "المُسْنَدِ" (٤٩)، عن مُعَاذٍ، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: " [إنَّ رَبِّى زَادَنى] (٥٠) صَلَاةً، وهِىَ الوِتْرُ، ووَقْتُها مَا بَيْنَ الْعِشَاءِ إلَى طُلُوعِ الفَجْرِ". ولأنَّه صَلَّاهُ قبل وَقْتِه، فأشْبَه ما لو صَلَّى نَهَارًا. وإنْ أَخَّرَ الوِتْرَ حتى يَطْلُعَ الصُّبْحُ، فات وَقْتُه وصَلَّاهُ قَضَاءً. وَرُوِىَ عن ابنِ مسعودٍ، أنَّه قال:


(٤٤) سقط من: الأصل.
(٤٥) في م: "لأنه".
(٤٦) في أ، م: "صلاة".
(٤٧) تقدم في صفحة ٥٩٢.
(٤٨) سقط من: أ. وتقدم تخريجه في صفحة ٥٩٢.
(٤٩) تقدم تخريجه في صفحة ٦.
(٥٠) في أ، م: "زادنى ربى".

<<  <  ج: ص:  >  >>