للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِيرَاثُه بحالٍ. والأمُّ لا تَأْخُدُ؛ لأنَّها لا وِلَايةَ لها. والجَدُّ أيضًا لا يَلِى على مالِ وَلَدِ ابْنِه، وشَفَقَتُه قاصِرَةٌ عن شَفَقَةِ الأبِ، ويُحْجَبُ به في المِيراثِ، وفي وِلَايةِ النِّكاحِ. وغيرُهما (٣٧) من الأقارِبِ والأجانِبِ لبس لهم الأخْذُ بِطَرِيقِ التَّنْبِيه؛ لأنَّه إذا امْتَنَعَ الأخْذُ في حَقّ الأُمِّ والجَدِّ، مع مُشَارَكتِهِما للأبِ في بعض المَعَانِى، فغيرُهما ممَّن (٣٨) لا يُشَارِكُ الأبَ في ذلك أَوْلَى.

٩٣٦ - مسألة؛ قال: (وَلَا يَحِلُّ لِوَاهِبٍ أنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ، وَلَا لِمُهْدٍ أنْ يَرْجِعَ فِي هدِيَّتِه، وَإنْ لَمْ يُثَبْ عَلَيْهَا)

يعني وإن لم يُعَوَّضْ عنها (١). وأرادَ من عَدا الأبَ؛ لأنَّه قد ذَكَرَ أنَّ للأبِ الرُّجُوعَ، بقوله: "أُمِرَ بِرَدِّه". فأما غيرُه فليس له الرُّجُوعُ في هبَتِه ولا هَدِيّتِه. وبهذا قال الشافِعيُّ وأبو ثَوْرٍ. وقال النَّخَعِيُّ، والثَّوْرِيُّ، وإسحاقُ، وأصْحابُ الرَّأْىِ: مَنْ وَهَبَ لغير ذِى رَحِمٍ، فله الرُّجُوعُ، ما لم يُثَبْ عليها، ومن وَهَبَ لذى رَحِمٍ، فليس له الرُّجُوعُ. ورُوى ذلك عن عمرَ بن الخَطَّابِ (٢)، رَضِىَ اللَّه عنه، واحْتَجُّوا بما رَوَى أبو هُرَيْرةَ، قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الرَّجُلُ أحَقُّ بِهِبَتِهِ، مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا". رَوَاه ابنُ ماجه، في "سُنَنِه" (٣). وبقَوْلِ عمرَ، ولأنَّه لم يَحْصُلْ له عنها عِوَضٌ، فجازَ له الرُّجُوعُ فيها، كالعارِيَّةِ. ولَنا، قولُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "العائِدُ في هِبَتِه، كَالْعائِدِ في قَيْئِهِ". وفي لَفْظٍ: "كَالْكَلْبِ يَعُودُ في قَيْئِهِ". وفي رِوَايةٍ إنَّه "لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ، الْعَائِد فِي هِبَتِه كالْكَلْبِ يَعُودُ في قَيْئِه". مُتَّفَقٌ عليه (٤)، وأيضا


(٣٧) في م: "وغيرها".
(٣٨) في م: "مما".
(١) في الأصل: "عليها".
(٢) تقدم تخريجه في صفحة ٢٦٢.
(٣) في: باب من وهب هبة رجاء ثوابها، من كتاب الهبات. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٩٨.
(٤) اللفظ الأول تقدم تخريجه في: ٤/ ١٠٤.
والثاني أخرجه البخاري، في: باب هبة الرجل لامرأته والمرأة لزوجها. . ., من كتاب الهبة. صحيح =

<<  <  ج: ص:  >  >>