للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ويُعْتَبَرُ في المَرِيضِ الذي هذه أحْكامُه شَرْطانِ؛ أحدُهما، أن يَتَّصِلَ بمَرَضِه المَوْتُ، ولو صَحَّ من (٦٥) مَرَضِه الذي أعْطَى فيه، ثم ماتَ بعدَ ذلك، فحُكْمُ عَطِيَّتِه حُكْمُ عَطِيَّةِ الصَّحِيحِ؛ لأنَّه ليس بمَرَضِ المَوْتِ. الثاني، أن يكونَ مَخُوفًا، والأمْراضُ (٦٦) أرْبَعةُ أقْسامٍ؛ غيرُ مَخُوفٍ، مثل وَجَعِ العَيْنِ، والضِّرْسِ، والصُّدَاعِ اليَسِيرِ، وحُمَّى ساعَة، فهذا حُكْمُ صاحِبِه حُكْمُ الصَّحِيحِ؛ لأنَّه لا يُخَافُ منه في العادَةِ. الضرب الثاني، الأمْراضُ المُمْتَدَّةُ؛ كالجُذَامِ، وحُمَّى الرِّبْعِ (٦٧)، والفَالِجِ (٦٨) في انْتِهائِه، والسُّلِّ في ابْتِدائِه، والحُمَّى الغِبِّ (٦٩)، فهذا الضَّرْبُ إن أَضْنَى صاحِبُها على فِرَاشِه، فهى مَخُوفَةٌ، وإن لم يكنْ صاحِبَ فِرَاشٍ، بل كان يَذْهَبُ ويَجِىءُ، فعَطَاياهُ من جَمِيعِ المالِ. قال القاضي: هذا تَحْقِيقُ المَذْهَبِ فيه. وقد رَوَى حَرْبٌ، عن أحمدَ، في وَصِيَّةِ المَجْذُومِ والمَفْلُوجِ: من الثُّلُثِ. وهو مَحْمُولٌ على أنَّهما صارَا صاحِبَىْ فِرَاشٍ. وبه يقول الأوْزَاعِىُّ، والثَّوْرِيُّ، ومالِكٌ، وأبو حنِيفةَ وأصْحابُه، وأبو ثَوْرٍ. وذَكَرَ أبو بَكْرٍ وَجْهًا (٧٠) في صاحِبِ الأمْراضِ المُمْتَدَّةِ، أنَّ عَطِيَّتَه من صُلْبِ المالِ. وهو مَذْهَبُ الشافِعِيِّ؛ لأنَّه لا يُخَافُ تَعْجِيلُ (٧١) المَوْتِ فيه، وإن كان لا يَبْرَأُ فهو كالهَرِمِ. ولَنا، أنَّه مَرِيضٌ صاحِبُ فِرَاشٍ يَخْشَى التَّلَفَ، فأشْبَهَ صاحِبَ الحُمَّى الدائِمَة، وأما الهَرِمُ فإنْ صارَ صاحِبَ فِرَاشٍ، فهو كمَسْأَلَتِنا. الضرب الثالث، مَنْ تَحَقَّقَ تَعْجِيلُ مَوْتِه، فيُنْظَرُ فيه؛ فإن كان عَقْلُه قد اخْتَلَّ، مثل مَن ذُبِحَ، أو أُبِينَتْ حَشْوَتُه، فهذا لا حُكْمَ لِكَلَامِه ولا لِعَطِيَّتِه، لأنَّه لا يَبْقَى له عَقْلٌ ثابِتٌ، وإن كان ثابِتَ العَقْلِ، كمن خُرِقَتْ حَشْوَتُه،


(٦٥) في م: "في".
(٦٦) في م زيادة: "على".
(٦٧) حمى الربع: هي التي تعرض للمريض يوما وتدعه يومين ثم تعود إليه في اليوم الرابع.
(٦٨) الفالج: شلل يصيب أحد شقى الجسم طولا.
(٦٩) حمى الغب: التي تنوب يوما بعد يوم.
(٧٠) في أ، م: "وجهان".
(٧١) في الأصل: "تعجل".

<<  <  ج: ص:  >  >>