للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه، فوُجُوبُ الغُسْلِ عليه مَشْكُوكٌ فيه، وليس لأحَدِهما أن يَأْتَمَّ بصَاحِبِه؛ لأنَّ أحَدَهُما جُنُبٌ يَقِينًا، فلا تَصِحُّ صَلَاتُهما، كما لو سَمِعَ كُلُّ وَاحِدٍ منهما صَوْتَ رِيحٍ، يَظُنُّ أَنَّها مِنْ صاحِبِه، أو لا يَدْرِى مِنْ أَيِّهما هي.

فصل: إذا وَطِىءَ امْرَأَتَه دُونَ الفَرْجِ، فَدَبَّ ماؤُهُ إلى فَرْجِها، ثم خرجَ، أو وَطِئَها في الفَرْجِ، فاغْتَسَلَتْ، ثم خرجَ ماءُ الرَّجُلِ مِنْ فَرْجِها، فلا غُسْلَ عليها. وبهذا قَالَ قَتَادَةُ، والأَوْزَاعِىُّ، وإسْحَاقُ. وقال الحسن: تَغْتَسِلُ؛ لِأَنَّه [مَنِىٌ خارِجٌ منه] (٢٤)، فأشْبَهَ ماءَها. والأوَّلُ أَوْلَى؛ لأنَّه ليس مَنِيَّها، فأشْبَهَ غَيْرَ المَنِىِّ.

٥٣ - مسألة؛ قال: (والْتِقَاءُ الخِتَانَيْنِ)

يَعْنِى: تَغْيِيبَ الحَشَفَةِ في الفَرْجِ، فإنَّ هذا هو المُوْجِبُ للغُسْلِ، سواءٌ كانا مُخْتَتِنيْن أو لا، وسواءٌ أصابَ مَوْضِعُ الخِتَانِ منه مَوْضِعَ خِتَانِها أو لم يُصِبْه. ولَوْ مَسَّ الخِتَانُ الخِتَانَ مِنْ غيرِ إِيلَاجٍ فَلَا غُسْلَ بالاتِّفَاقِ. واتَّفَقَ الفُقَهاءُ على وُجُوبِ الغُسْلِ في هذه المسألةِ، إلَّا ما حُكِىَ عن داود أنَّه قال: لا يَجِبُ؛ لِقَوْلِه عليه السَّلَامُ: "الماءُ مِنَ الماءِ"، وكانَ جَمَاعَةٌ مِن الصحابةِ، رَضِىَ اللهُ عنهم، يقولون: لا غُسْلَ على مَنْ جَامَعَ فأَكْسَلَ. [يَعْنِى: لم يُنْزِلْ] (١). ورَوَوْا في ذلك أحادِيثَ عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. وكانت رُخْصةً رَخَّصَ فيها رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم أَمَرَ بالغُسْلِ، قالَ سَهْلُ بنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنِى أُبَىُّ بنُ كَعْبٍ أنَّ "الماء مِنَ الماءِ" كان رُخْصَةً أَرْخَصَ فيها رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم نَهَى عنها. مُتَّفَقٌ عليه (٢). ورَوَاهُ الإِمامُ أحمدُ، وأبو داود، وابنُ مَاجَه،


(٢٤) في م: "متى خرج".
(١) سقط من: م.
(٢) كذا ورد. وليس مما اتفق عليه البخاري ومسلم. والذي اتفقا عليه من حديث أبىّ بن كعب، أنه قال: يا رسول اللَّه، إذا جامع الرجل المرأة فلم ينزل؟ قال: "يَغْسِلُ مَا مَسَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ ويُصَلِّى". أخرجه البخاري، في: باب غسل ما يصيب من فرج المرأة، من كتاب الغسل. صحيح البخاري ١/ ٨١. ومسلم، في: باب إنما الماء من الماء، من كتاب الحيض. صحيح مسلم ١/ ٢٧٠.
أما نسخ "الماء من الماء" فقد اتفقا في حديث أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "إذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ". أخرجه البخاري، في: باب إذا التقى الختانان، من كتاب الغسل. صحيح البخاري ١/ ٨٠. ومسلم، في: باب نسخ "الماء من الماء" من كتاب الحيض. صحيح مسلم ١/ ٢٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>