للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علىَّ، ويكونُ ميِراثُه لهذا! قال: "نَعَمْ" (٦). وإنَّما حَمَلْنا مسأَلَة الْخِرَقِىِّ على ما إذا كان المُعْتِقُ امرأةً؛ لأنَّ الأخْبارَ التى رَوَيْناها إنَّما وَرَدَتْ فيها، ولأنَّ المرأةَ لا تَعْقِلُ، وابنُها ليس من عَشِيرَتِها، فلا تَعْقِلُ عن مُعْتقِها، وعَقَل عنها عَصَباتُها (٧) من عَشِيرَتِها. أمَّا الرجلُ المُعْتِقُ، فإنَّه يَعْقِلُ عن مُعْتَقِه؛ لأنَّه عَصَبةٌ من أهلِ العقلِ، ويَعْقِلُ ابنُه وأبوه؛ لأنَّهما من عَصَباتِه وعَشِيرَتِه، فلا يُلْحَقُ ابنُه فى نَفْىِ العقلِ عنه بابنِ المرأةِ. واللَّهُ أعلمُ.

فصل: فإن كان المولى حيًّا، وهو رجلٌ عاقلٌ مُوسِرٌ، فعليه من العَقْلِ وله الميراثُ؛ لأنَّه عَصَبةُ مُعْتِقِه، وإن كان صَبيًّا أو امرأةً أو مَعْتُوهًا، فالعقلُ على عَصَباتِه، والميراثُ له؛ لأنَّه ليس من أهلِ العَقْلِ، فأشْبَهَ ما لو جَنَوْا جِنايةً خَطَأً، كان العَقْلُ على عَصبَاتِهم، ولو جُنِىَ عليهم كان الأَرْشُ لهم.

فصل: ولا يَرِثُ الْمَولى من أسْفَلَ مُعْتِقَهُ. فى قول عامَّةِ أهلِ العلمِ. وحُكِىَ عن شُرَيحٍ، وطاوسٍ، أنَّه ما وَرَّثَاه؛ لما رَوَى سعيدٌ، عن سُفْيانَ، عن عمرِو بن دينارٍ، عن عَوْسَجَةَ، عن ابنِ عباسٍ، أَنَّ رَجُلًا تُوُفِّىَ على عهدِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وليس له وارثٌ إلَّا غلامٌ له هو أعْتَقَه، فأعْطاهُ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ميراثَه. قال التِّرْمِذِىُّ (٨): هذا حديثٌ حسنٌ. ورُوِىَ عن عمرَ نحوُ هذا. ولَنا، قولُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّما الْوَلَاءُ لِمَنْ أعْتَقَ" (٩). ولأنَّه لم يُنْعِمْ عليه، فلم يَرِثْه، كالأجْنَبِىِّ، وإعْطاءُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- له قَضِيّةٌ فى عَيْنٍ، يَحْتَمِلُ أن يكونَ وارثًا بجِهَةٍ غيرِ الإِعْتاقِ، وتكونُ فائدةُ الحديثِ أَنَّ إعْتاقَه له لم يَمْنَعْه مِيرَاثَه. ويَحْتَمِلُ أنَّه أعْطاهُ صِلَةً (١٠) وتَفَضُّلًا. إذا ثَبَتَ أنَّه لا يَرِثُه فلا يَعْقِلُ عنه. وقال الشافعىُّ فى القديمِ: يَعْقِلُ عنه؛ لأنَّه سَيِّدُهُ أَنْعَمَ عليه، فجاز أَنْ يَغْرَمَ عنه. ولَنا، أَنَّ العقلَ على العَصَباتِ، وليس هذا منهم. وما ذكرَه لا أصلَ له، ويَنْعَكِسُ


(٦) تقدم تخريجه فى صفحة ٢٤٤.
(٧) فى م: "عصباته".
(٨) فى: باب فى ميراث المولى الأسفل، من أبواب الفرائض. عارضة الأحوذى ٨/ ٢٥٦.
(٩) تقدم تخريجه فى: ٨/ ٣٥٩.
(١٠) فى م: "وصلة".

<<  <  ج: ص:  >  >>