للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَنْقُلْ مِلْكَ كلِّ واحِدٍ من المُتَبَايِعَيْنِ عن مَالِه.

فصل: وشَرِكَةُ العِنَانِ مَبْنِيَّةٌ على الوَكَالَةِ والأمَانَةِ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهما بِدَفْعِ المالِ إلى صَاحِبِه أَمِنَهُ، وبإِذْنِه له في التَّصَرُّفِ وَكَّلَهُ. ومن شَرْطِ صِحَّتِها أن يَأْذَنَ كلُّ واحدٍ منهما لِصَاحِبِه في التَّصَرُّفِ، فإن أَذِنَ له مُطْلَقًا في جَمِيعِ التِّجارَاتِ، تَصَرَّفَ فيها، وإن عَيَّنَ له جِنْسًا أو نَوْعًا أو بَلَدًا، تَصَرَّفَ فيه دونَ غيرِه؛ لأنَّه مُتَصَرِّفٌ بالإِذْنِ، فوَقَفَ عليه، كالوَكِيلِ. ويجوزُ لكلِّ واحدٍ منهما أن يَبِيعَ ويَشْتَرِىَ مُسَاوَمَةً ومُرَابَحةً وتَوْلِيَةً ومُوَاضَعَةً، كيف رَأَى المَصْلَحَة؛ لأنَّ هذا عَادَةُ التُّجَّارِ. وله أن يَقْبِضَ المَبِيعَ والثَّمَنَ، ويُقبِضَهُما، ويُخَاصِمَ (٢٩) في الدَّيْنِ، ويُطَالِبَ به، ويُحِيلَ، ويَحْتَالَ، ويَرُدَّ بالعَيْبِ فيما وَلِيَهُ هو، وفيما وَلِىَ صَاحِبُه. وله أن يَسْتَأْجِرَ من رَأْسِ مالِ الشَّرِكَةِ ويُؤْجِرَ؛ لأنَّ المَنَافِعَ أُجْرِيَتْ مُجْرَى الأَعْيانِ، فصَارَ كالشِّرَاءِ والبَيْعِ، والمُطَالَبَةُ بالأَجْرِ لهما وعليهما؛ لأنَّ حُقُوقَ العَقْدِ لا تَخْتَصُّ العَاقِدَ.

فصل: وليس له أن يُكَاتِبَ الرَّقِيقَ، ولا يَعْتِقَ على مالٍ ولا غيرِه، ولا يُزَوِّجَ الرَّقِيقَ؛ لأنَّ الشَّرِكَةَ تَنْعَقِدُ على التِّجارَةِ، وليست هذه الأَنْواعُ تِجَارَةً، سِيَّما تَزْوِيجُ العَبْدِ، فإنَّه مَحْضُ ضَرَرٍ. وليس له أن يُقْرِضَ ولا يُحَابِىَ؛ لأنَّه تَبَرُّعٌ. وليس له التَّبَرُّعُ. وليس له أن يُشَارِكَ بمالِ الشَّركَةِ، ولا يَدْفَعَه مُضَارَبَةً؛ لأنَّ ذلك يُثبِتُ في المالِ حُقُوقًا، ويُسْتَحَقُّ رِبْحُه لغيرِه، وليس ذلك له. وليس له أن يَخْلِطَ مَالَ الشَّرِكَةِ بمَالِه، ولا مَالِ غيره؛ لأنَّه يَتَضَمَّنُ إِيجَابَ حُقُوقٍ في المالِ، وليس هو من التِّجَارَةِ المَأْذُونِ فيها. ولا يَأْخُذُ بالمالِ سُفْتَجَةً (٣٠)، [ولا يُعْطِى به سُفْتَجَةً] (٣١)؛ لأنَّ في ذلك خَطَرًا لم يُؤْذَنْ فيه. وليس له أن يَسْتَدِينَ على مالِ الشَّرِكَةِ، فإن فَعَلَ فذلك له، وله رِبْحُه وعليه وَضِيعَتُه. قال أحمدُ، في رِوَايةِ صَالِحٍ، في مَن اسْتَدَانَ في المالِ بوَجْهِه ألْفًا: فهو له، وَرِبْحُه له والوَضِيعَةُ عليه. وقال القاضي: إذا اسْتَقْرَضَ شيئًا، لَزِمَهُما، ورِبْحُه لهما؛ لأنَّه تَمْلِيكُ مالٍ بمالٍ، فهو


(٢٩) في ب زيادة: "به".
(٣٠) السفتجة: أن يعطى مالا لآخر وللآخر مال في بلد المعطى، فيوفيه إياه ثَمَّ، فيستفيد أمن الطريق.
(٣١) سقط من: الأصل، أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>