للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رمضانَ، أن يَبِيتَ لَيْلَةَ الفِطْرِ فى المسجدِ، ثم يَغْدُوَ إلى المُصَلَّى من المسجدِ.

فصل: وإذا نَذَرَ اعْتِكافَ شَهْرٍ، لَزِمَهُ شَهْرٌ بالأهِلَّةِ، أو ثلاثونَ يَوْمًا. وهل يَلْزَمُه التَّتابُعُ؟ على وَجْهَيْنِ؛ بِنَاءً على الرِّوَايَتَيْنِ فى نَذْرِ الصَّوْمِ. أحدُهما، لا يَلْزَمُه. وهو مذهبُ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّه مَعْنًى يَصِحُّ فيه التَّفْرِيقُ، فلا يَجِبُ فيه التَّتابُعُ بِمُطْلَقِ النَّذْرِ، كالصِّيامِ. والثانى، يَلْزَمُهُ التَّتابُعُ. وهو قولُ أبى حنيفةَ، ومَالِكٍ. وقال القاضى: يَلْزَمُهُ التَّتابُعُ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لأنَّه مَعْنًى يَحْصُلُ فى اللَّيْلِ والنَّهارِ، فإذا أطْلَقَهُ اقْتَضَى التَّتابُعَ، كما لو حَلَفَ لا يُكَلِّمُ زَيْدًا شَهْرًا، كمُدَّةِ الإيلاءِ والعُنَّةِ والعِدَّةِ. وبهذا فَارَقَ الصِّيامَ، فإن أَتَى بِشَهْرٍ بين هِلَالَيْنِ، أجْزَأهُ ذلك، وإن كان نَاقِصًا. وإن اعْتَكَفَ ثلاثينَ يَوْمًا من شَهْرَيْنِ، جازَ، وتَدْخُلُ فيه اللَّيالِى؛ لأنَّ الشَّهْرَ عِبارَةٌ عنهما، ولا يُجْزِئُه أقلُّ من ذلك. وإن قال: للهِ عَلَىَّ أن أَعتَكِفَ أيَّامَ هذا الشَّهْرِ، أو لَيَالِىَ هذا الشَّهْرِ. لَزِمَهُ ما نَذَرَ، ولم يَدْخُلْ فيه غيرُه. وكذلك إنْ قال: شَهْرًا فى النَّهارِ، أو فى اللَّيْلِ.

فصل: وإنْ قال: للَّه عَلَىَّ أن أعْتَكِفَ ثلاثين يَوْمًا. فعلى قَوْلِ القاضى، يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ. وقال أبو الخَطَّابِ: لا يَلْزَمُه؛ لأنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِى ما تَنَاوَلَهُ، والأيَّامُ المُطْلَقَةُ تُوجَدُ بدون التَّتَابُعِ، فلا يَلْزَمُه، كما لو قال: للهِ عَلَىَّ أن أصُومَ ثلاثينَ يَوْمًا. فعلى قَوْلِ القاضى: يَدْخُلُ فيه اللَّيَالِى الدَّاخِلَةُ فى الأيَّامِ المَنْذُورَةِ، كما لو نَذَرَ شَهْرًا. ومَن لم يُوجِب التَّتَابُعَ لا يَقْتَضِى أن تَدْخُلَ اللَّيَالِى فيه، إلَّا أن يَنْوِيَهُ. فإن نَوَى التَّتابُعَ، أو شَرَطَهُ، لَزِمَهُ، ودَخَلَ اللَّيْلُ فيه، ويَلْزَمُه ما بين الأيَّامِ من اللَّيَالِى. وبه قال مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: يَلْزَمُهُ من اللَّيَالِى بِعَدَدِ الأيَّامِ، إذا كان على وَجْهِ الجَمْعِ أو التَّثْنِيَةِ (١٠)، يَدْخُلُ فيه مِثْلُهُ من اللَّيَالِى، واللَّيَالِى تَدْخُلُ معها الأيَّامُ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تعالى: {آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ


(١٠) فى م: "والتثنية".

<<  <  ج: ص:  >  >>