للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: قال رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ فَقِراءَةُ الْإِمامُ لَهُ قِرَاءَةٌ" (١٣). ولأنَّه مَأْمومٌ، فلا يقرأُ، كحالةِ الجَهْر. ولَنا، قَوْلُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَإِذَا أسْرَرْتُ بقِرَاءَتِى فاقْرَأُوا". رَواه الدَّارَقُطْنِيُّ (١٤). وقولُه (١٥) في اللَّفْظِ الآخَرِ: فانْتَهَى النَّاسُ أَن يقْرَأُوا فيما جهَر فيه النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. وأمَّا خبرُ جابر، فالصَّحيحُ أنَّه مُرْسَلٌ عن عبد اللَّه بن شَدَّاد، عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، كذلك رَواه الإمام أحمد، وسعيد بن منصور، وغيرُهما، وبالقياس علَى حالةِ الجَهْرِ لا يصحُّ؛ لأنَّه أُمِرَ بالإِنْصاتِ إلى قراءةِ الإِمام، فإذا أَسَرَّ لم يَسْمَع المأمومُ شيئًا يُنصِتُ إليه، ولأنَّ الإِسْماعَ لم يَقُمْ مَقامَ القراءةِ، ولم يُوجَدْ ها هنا، فإذا ثبت هذا فإنَّه يَقْرأُ في سَكَتاتِ الإِمامِ حالةَ الجَهْرِ بالفاتحةِ، ويَقْرأُ في حالِ الإِسْرارِ بالفاتحة وسورةٍ، كالإِمام والمُنْفَرِدِ.

فصل: (١٦) فإنْ لم [يسْمع الإِمامَ في حالِ الجَهْرِ؛ لِبُعْدِهِ] (١٧)، قَرَأَ. نَصَّ عليه الإِمامُ (١٨). قِيلَ لَه أَليس قد قال اللهُ تعَالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}؟ قال: هذا إلى أيِّ شيءٍ يستمعُ؟ وقال الأثْرَمُ: قِيلَ لأبي عبد اللَّه: فيوم الجُمعةِ؟ قال: إذا لم يسمعْ قراءةَ الإِمام ونَغَمتَه قَرَأَ، فأمَّا إذا سمِعَ فَلْيُنْصِتْ. قِيلَ له: فالْأطْرَشُ؟ قال: لا أدْرِى (١٩)، وهذا يُنْظَرُ فيه، فإن كان بعيدًا قَرأَ أيضًا، وإن كان قريبًا قرأَ في نفسِه، بحيثُ لا يشْغَلُ مَن إلى جانِبَيْهِ عن


(١٣) أخرجه ابن ماجه، في: باب إذا قرأ الإمام فأنصتوا، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٢٧٧. والإِمام أحمد، في: المسند ٣/ ٣٣٩.
(١٤) تقدم في صفحة ٢٦٢.
(١٥) أي: وقول الراوى. وتقدم في صفحة ٢٦٢.
(١٦) جاء هذا الفصل في م قبل المسألة ١٨٦، باختلاف نذكره.
(١٧) في م: "يسمعه لبعد".
(١٨) في الأصل زيادة: "يقرأ وهو لا يسمع يقرأ" تكرار.
(١٩) من هنا اختلف ما في م من قول الإمام على النحو التالى: "فيحتمل أن يشرع في حقه القراءةُ؛ لأنه لا يسمع، فلا يجب عليه الإِنصاتُ، كالبعيد، ويحتمل أن لا يقرأ، كيلا يخلط على الإِمام، فإن سمع همهمته ولم يفهم، فقال، في رواية الجماعة: لا يقرأ. ونقل عنه، أنه يقرأ إذا سمع الحرف بعد الحرف".

<<  <  ج: ص:  >  >>