للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"صَحِيحِه" (٦)، وهذا تَفْسِيرٌ لِمُرَادِ اللهِ تعالى، ولا تَتَحَقَّقُ مخالفةُ اليهودِ بحَمْلِها على إرادَةِ الحَيْضِ؛ لأنَّه يكونُ مُوَافِقًا لهم، ومِن السُّنَّةِ قولُه عليه السَّلَام: "اصْنَعُوا كُلَّ شَىْءٍ غَيْرَ النِّكَاحِ"، ورُوِىَ عنه عَلَيْهِ السَّلام، أنَّه قال: "اجْتَنِبْ مِنْهَا شعَارَ الدَّمِ (٧) ". ولأنَّه مَنَعَ الوَطْءَ لأجْلِ الأذَى، فاخْتَصَّ مَحَلَّه (٨) كالدُّبُرِ، وما رَوَوْهُ عن عائشةَ دَلِيلٌ على حِلِّ ما فوقَ الإِزارِ، لا على تَحْرِيمِ غيرِه، وقد يَتْرُكُ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بعضَ المُبَاحِ تَقَذُّرًا، كَتَرْكِه أكْلَ الضَّبِّ والأرْنَبِ، وقد رَوَى عِكْرِمَةُ عن بعضِ أزْوَاجِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا أرَادَ مِن الحائِضِ شَيْئًا ألْقَى على فَرْجِها ثَوْبًا (٩)، ثم ما ذكرْنَاه مَنْطُوقٌ، وهو أوْلَى مِن المَفْهُومِ.

فصل: فإنْ وَطِىءَ الحائِضَ في الفَرْجِ أثِمَ، ويستغفرُ اللهَ تعالى، وفى الكَفَّارَةِ رِوَايَتان: إحْدَاهما، يجِبُ عليهِ كَفَّارَةٌ؛ لِما رَوَى أبو داود، والنَّسَائِىُّ، بإسْنادِهما، عن ابنِ عَبَّاس، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال، في الذي يأْتِى امْرَأَتَهُ وهى حَائِضٌ: "يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ أوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ (١٠) ". والثَّانِيةُ، لا كفَّارَةَ عليه، وبه قال مالكٌ، وأبو حنيفةَ،


(٦) في: باب جواز غسل الحائض رأس زوجها. . إلخ، من كتاب الحيض. صحيح مسلم ١/ ٢٤٦. كما أخرجه أبو داود، في: باب [في] مؤاكلة الحائض ومجامعتها، من كتاب الطهارة، وفى: باب في إتيان الحائض ومباشرتها، من كتاب النكاح. سنن أبي داود ١/ ٥٩، ٤٩٩. وابن ماجه، في: باب ما جاء في مؤاكلة الحائض وسؤرها، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه ١/ ٢١١.
(٧) أخرجه الدارمي، في: باب مباشرة الحائض، من كتاب الطهارة. سنن الدارمي ١/ ٢٤٣.
(٨) في م: "مكانه".
(٩) أخرجه أبو داود، في: باب في الرجل يصيب منها ما دون الجماع، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٦١.
(١٠) أخرجه أبو داود، في: باب في إتيان الحائض، من كتاب الطهارة، وفى: باب كفارة من أتى حائضا، من كتاب النكاح. سنن أبي داود ١/ ٦٠، ٥٠٠. والنسائي في: باب ما يجب على من أتى حليلته في حال حيضتها مع علمه بنهى اللَّه عز وجل عن وطئها، من كتابى الطهارة والحيض. المجتبى ١/ ١٢٥، ١٥٤. كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في كفارة إتيان الحائض من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذى ١/ ٢١٨. وابن ماجه، في: باب في كفارة من أتى حائضا، وباب من وقع على امرأته وهى حائض، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه ١/ ٢١٠، ٢١٣. والدارمى، في: باب من قال عليه كفارة، من كتاب الطهارة. سنن الدارمي ١/ ٢٥٤. والإمام أحمد، في: المسند ١/ ٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>