للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبلَ الإِحْرامِ، فلا بَأْسَ؛ لما رُوِىَ عن عائشةَ، قالتْ: كأَنِّى أَنْظُرُ إلى وَبِيصِ الطِّيبِ فى رَأْسِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (١١). وكان على رَأْسِ ابنِ عَبَّاسٍ مثلُ الرُّبِّ (١٢) من الغَالِيَةِ، وهو مُحْرِمٌ.

فصل: وفى تَغْطِيَةِ المُحْرِمِ وَجْهَهُ رِوَايَتانِ: إحْدَاهما، يُباحُ. رُوِىَ ذلك عن عثمانَ بن عفانَ، وعبد الرحمنِ بن عَوْفٍ، وزيدِ بن ثَابِتٍ، وابنِ الزُّبَيْرِ، وسَعْدِ بن أبى وَقَّاصٍ، وجابِرٍ، والقاسمِ، وطَاوُسٍ، والثَّوْرِىِّ، والشَّافِعِىِّ. والثانية، لا يُبَاحُ. وهو مذهبُ أبى حنيفةَ، ومَالِكٍ؛ لما رُوِىَ عن ابنِ عَبّاسٍ، أن رَجُلًا وَقَعَ عن رَاحِلَتِه، فوَقَصَتْهُ، فقال رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وكَفِّنُوهُ فى ثَوْبَيْهِ، ولا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ ولا رَأْسَه، فَإنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ يُلَبِّى" (١٣). ولأنَّه مُحَرَّمٌ على المَرْأَةِ، فحُرِّمَ على الرَّجُلِ، كَالطِّيبِ. ولَنا، ما ذَكَرْنَا من قَوْلِ الصَّحابَةِ، ولم نَعْرِفْ لهم مُخَالِفًا فى عَصْرِهم، فيكونُ إجْمَاعًا، ولِقَوْلِه عليه السَّلَامُ: "إحْرَامُ الرَّجُلِ فى رَأْسِه، وإحْرَامُ المَرْأةِ فى وَجْهِهَا" (١٤). وحَدِيثُ ابنِ عَبَّاسٍ المَشْهُورُ فيه: "ولا تُخَمِّرُوا رَأْسَه" هذا المُتَّفَقُ عليه. وقَوْلُه: "وَلَا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ". فقال شُعْبَةُ: حَدَّثَنِيهِ أبو بشْرٍ. ثم سألتُه عنه بعدَ عَشْرِ سِنِينَ، فجاءَ بِالحَدِيثِ كما كان يُحَدِّثُ، إلَّا أنَّه قال: "ولا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَرَأْسَه". وهذا يَدُلُّ على أنَّه ضَعَّفَ هذه الزِّيَادَة. وقد رُوِىَ فى بَعْضِ ألْفَاظِه: "خَمِّرُوا وَجْهَهُ، ولا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ" فتتعَارَضُ الرِّوَايَتانِ. وما ذَكَرُوه يَبْطُلُ بِلُبْسِ القُفَّازَيْنِ.


= لبد رأسه، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠١٣. والإِمام أحمد، فى: المسند ٢/ ١٢٠،
١٣١.
(١١) والثانى تقدم تخريجه فى صفحة ٨٧.
(١٢) تقدم تخريجه فى صفحة ٧٨.
(١٣) تقدم تخريجه فى ٣/ ٣٧٦.
(١٤) تقدم تخريجه فى صفحة ١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>