للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يَحْصُلُ منه الإِنْزَالُ، فلا يَنَالُ لَذَّةَ الْوَطْءِ، فلا يَذُوقُ العُسَيْلَةَ. ويَحْتَمِلُ أَنَّ أحمدَ قال ذلك؛ لأنَّ الخَصِىَّ فى الغَالِبِ لا يَحْصُلُ منه الْوَطْءُ، أو ليس بِمَظِنَّةِ الإِنْزَالِ (١٨)، فلا يَحْصُلُ الإِحْلالُ بوَطْئِهِ، كالوَطْءِ مِنْ غيرِ انْتِشارٍ.

فصل: واشْتَرَطَ أصْحابُنا أَنْ يكونَ الْوَطْءُ حَلالًا، فَإِنْ وَطِئَهَا فى حَيْضٍ، أو نِفَاسٍ، أو إِحْرَام مِن أَحَدِهما، أو منهما، أو وأحَدُهما صَائِمٌ فَرْضًا، لم تَحِلَّ. وهذا قَوْلُ مالِكٍ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ حَرَامٌ لِحَقِّ اللَّهِ تعالى فلم يَحْصُلْ بِه الإِحْلالُ، كوَطْءِ الْمُرْتَدَّةِ (١٩). وظَاهِرُ النَّصِّ جِلُّها وهو قَوْلُهُ تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}. وهذه قَد نَكَحَتْ زَوْجًا غيرَه، وأيضًا قوُله عليه السَّلامُ: "حَتَّى تَذُوقِى عُسَيْلَتَهُ، وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ". وهذا قد وُجِدَ، ولأنَّهُ وَطْءٌ فى نِكاحٍ صَحِيحٍ فى محلِّ الوَطْءِ على سَبِيلِ التَّمَامِ، فأحَلَّها، كالْوَطْءِ الحَلالِ، وكما لو وَطِئَها وقد ضَاقَ وَقْتُ الصَّلاةِ، أو وَطِئَهَا مَرِيضَةً يَضُرُّهَا الوَطْءُ. وهذا أَصَحَّ إنْ شاءَ اللَّهُ تعالى. وهو مَذْهَبُ أبى حَنِيفَةَ، والشَّافِعِىِّ. وأَمَّا وَطْءُ المُرْتَدَّةِ، فلا يُحِلُّهَا، سَوَاءٌ وَطِئَهَا فى حَالِ رِدَّتِهما، أو رِدَّتِها، أَو وَطِئَ المُرْتَدُّ المُسْلِمَةَ؛ لأَنَّهُ إِنْ لم يَعُدِ المُرْتَدُّ منهما إلى الإِسْلامِ، تَبَيَّنَ أَنَّ الوَطْءَ فى غيرِ نِكَاحٍ، وإِنْ عادَ إِلى الإِسْلامِ فى العِدَّةِ، فقد كان الوَطْءُ فى نِكاحٍ غيرِ تَامٍّ، لِأَنَّ سَبَبَ البَيْنُوَنَةِ حَاصِلٌ فيه. وهكذا لو أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ، فوَطِئَهَا الزَّوْجُ قبلَ إِسْلامِ الآخَرِ، لم يُحِلَّهَا لذلك.

فصل: فإِنْ تَزَوَّجَها مَمْلُوكٌ، ووَطِئَها، أَحَلَّهَا. وبذلك قال عَطاءٌ، ومَالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، وأَصْحَابُ الرَّأْىِ. ولا نَعْلَمُ لهم مُخَالِفًا، ولأنَّه (٢٠) دَخَلَ فِى عُمُومِ النَّصِّ، ووَطْوهُ كَوَطْءِ الحُرِّ. وإِنْ تَزَوَّجَهَا مُرَاهِقٌ، فوَطِئَهَا، أَحَلَّها فى قولِهم، إِلَّا مالِكًا، وأبا عُبَيْدٍ، فإنَّهُما قالا: لا يُحِلُّها. ويُرْوَى ذلك عن الْحسنِ؛ لأنَّهُ وَطْءٌ مِنْ غيرِ بَالِغٍ،


(١٨) فى الأصل: "للإنزال".
(١٩) فى ب: "المرتد".
(٢٠) سقطت الواو من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>