للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول أبى بكرٍ. وكذلك (٤) قال: لو قَطَعَ المُقْتَصُّ اليَدَ الأُخْرَى عُدْوانًا، لَسَقَطَ القِصاصُ؛ لأنَّهما تَساوَيا في الألَمِ والدِّيَةِ والاسْمِ، فتَقاصَّا وتساقَطَا، ولأنَّ إيجابَ القِصاصِ يُفْضِى إلى قَطْعِ يَدَىْ كلِّ واحدٍ منهما، وإذْهابِ مَنْفَعةِ الجِنْسِ، وإلْحاقِ الضَّرَرِ العظيمِ بهما جميعا. ولا تَفْرِيعَ على هذا القولِ لوُضُوحهِ. وكلُّ واحدٍ من القَطْعَيْنِ (٥) مَضْمُونٌ (٦) بسِرَايتِه (٧)؛ لأنَّه عُدْوانٌ. وقال ابنُ حامدٍ: إن كان أخَذَها عُدْوانًا، فلكلِّ واحدٍ منهما القِصاصُ على صاحِبه، وإن أخَذَها بتَراضِيهِما، فلا قِصاصَ في الثانيةِ؛ لرِضَا صاحِبها ببَذْلِها، وإذْنِه في قَطْعِها، وفى وُجُوبِه في الأولَى وجهان؛ أحدهما، يَسْقُطُ؛ لما ذكَرْنا. والثانى، لا يَسْقُطُ؛ لأنَّه رَضِىَ بتَرْكِه بعِوَضٍ لم يَثْبُتْ له (٨)، فكان له الرُّجُوعُ إلى حَقِّه، كما لو باعَه سِلْعةً بخَمْرٍ وقَبَّضَه إيَّاه. فعلى هذا، له القِصاصُ إلَّا أنَّه لا يَقْتَصُّ إلَّا بعدَ انْدِمالِ الأُخْرَى، وللجانِى دِيَةُ يَدِه. فإذا وَجَبَ للمَجْنِى عليه دِيَةُ يَدِه، وكانت الدِّيَتانِ واحدةً، تَقاصَّا، وإن كانت إحْداهما أكثرَ (٩) من الأُخْرَى، كالرَّجُلِ مع المرأةِ، وجَبَ الفَضْلُ (١٠) لصاحِبِه.

فصل: وإذا قال المُقْتَصُّ للْجانِي: أَخْرِجْ يَمِينَكَ لأَقْطَعَها. فأخْرَجَ يَسارَه، فقَطَعَها، فعلى قولِ أبى بكرٍ، يُجْزِئُ ذلك، سَواءٌ قَطَعَها عالِمًا بها أو غيرَ عالمٍ. وعلى قوْلِ ابن حامدٍ، إن أخْرَجَها عَمْدًا عالمًا بأنَّها يَسارُه، وأنَّها لا تُجْزِئُ، فلا ضَمانَ على قاطِعِها ولا قَوَدَ؛ لأنَّه بذَلَها بإخْراجِه لها لا (١١) على سَبِيلِ العِوَضِ، وقد يقومُ الفِعْلُ في


(٤) في م: "ولذلك".
(٥) في ب: "المقطعين".
(٦) في الأصل: "مصونه". وفى ب: "مضمونه".
(٧) في الأصل: "سرايته".
(٨) سقط من: ب، م.
(٩) في ب، م: "أكبر".
(١٠) في ب، م: "القصاص".
(١١) في الأصل: "إلا".

<<  <  ج: ص:  >  >>