للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَسَادَ صَلاةِ صاحِبِه، وأنَّه صارَ فَذًّا، وهذا على الرِّوايَةِ التي تَقُولُ بِفَسادِ صَلَاةِ كُلِّ واحدٍ من الإِمَامِ والمَأْمُومِ بِفَسَادِ صَلاةِ صاحِبِه لِكَوْنهِ صارَ فَذًّا. وعلى الرِّوايَةِ المَنْصورةِ (٣٢)، يَنْوِى كُلُّ واحِدٍ منهما الانْفِرَادَ، ويُتِمُّ صلاتَه. ويَحْتَمِلُ أنَّه إنَّما قَضَى بِفَسادِ صَلاتِهِما إذا أتَّمَّا الصَّلاةَ على ما كانَا (٣٣) عليه من غيرِ فَسْخِ النِّيَّةِ، فإنَّ المَأْمُومَ يَعْتَقِدُ أنَّه مُؤْتَمٌّ بمُحْدِثٍ، والإِمام يَعْتَقِدُ أنَّه يَؤُمُّ مُحْدِثًا. وأمَّا الوُضُوءُ فَلعَلَّ الإِمامَ (٣٤) أحمدَ، رَحِمَه اللَّه، إنما أَرادَ بقولِه: يَتَوَضَّآنِ لِتَصِحَّ صَلَاتُهما جَمَاعَةً. إذ ليس لأحدِهما أن يَأْتَمَّ بصَاحِبِه أو يَؤُمَّه مع اعْتِقَادِ حَدَثِه، ولَعَلَّه أَمَرَ بذلك احْتِيَاطا، أما إذا صَلَّيَا مُنْفَرِدَيْنِ فإنَّه لا يَجِبُ الوُضُوءُ على واحدٍ منهما؛ لأنَّ يَقينَ الطَّهَارَةِ مَوْجُودٌ في كُلِّ واحدٍ منهما، والحَدَثُ مَشْكُوكٌ فيه، فلا يَزُولُ اليَقِينُ بالشَّكِّ.

فصل: ونُقِلَ عن أحمدَ، رحمه اللَّه، في إمَامٍ صَلَّى بقَوْمٍ، فشَهِدَ اثْنَانِ عن يَمِينِه أنَّه أَحْدَث، وأنْكَرَ الإِمامُ وَبقِيَّةُ المأْمُومِينَ: يُعِيدُ، ويُعِيدُون. وهذا لأنَّ شَهَادَتَهُما إثْبَاتٌ يُقَدَّمُ على النَّفْىِ، لاحْتِمَالِ عِلْمِهما به، مع خَفَائِه عنه وعن بَقِيَّةِ المأْمُومِينَ. وقوله: "يُعِيدُونَ". لأنَّ المأْمُومِينَ متى عَلِمَ بَعْضُهم بحَدَثِ إمَامِهم، لَزِمَتِ الجَمِيعَ الإِعادَةُ على المَنْصُوصِ. ويَحْتَملُ أنَّه تَخْتَصُّ الإِعادَةُ بمَنْ (٣٥) عَلِمَ دونَ غيرِه على ما تَقَدَّمَ. واللهُ أعلمُ.


(٣٢) في أ، م: "المصورة". وفي م: "المنصوصة".
(٣٣) في أ، م: "كان".
(٣٤) سقط من: م.
(٣٥) في م: "من".

<<  <  ج: ص:  >  >>