للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهُ عَلَيْهِ" (٢). ففى هذا أوْضَحُ الدَّلائلِ على أنَّه يُقْبَلُ رُجوعُه. وعن بُرَيْدَةَ، قال: كُنَّا أصحابَ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نتحدَّثُ أنَّ الغامديَّةَ وماعزَ بن مالِكٍ، لو رَجَعا [بعدَ اعْترافِهِما] (٣). أو قال: لو لم يَرْجِعا بعدَ اعْترافِهما، لم يَطْلُبْهُما، وإنَّما رجَمَهما عندَ الرابعة. روَاه أبو داود (٤). ولأنَّ رُجوعَه شُبْهَةٌ، [والحدودُ تُدْرَأُ] (٥) بالشُّبُهاتِ، ولأنَّ الإِقْرارَ إحْدَى بَيِّنَتَىِ الحَدِّ، فيَسْقطُ بالرُّجوعِ عنه، كالبَيِّنَةِ إذا رجعَتْ قبلَ إقامةِ الحَدِّ، وفارقَ سائرَ الحُقوقِ، فإنَّها لا تُدْرأُ بالشُّبهاتِ. وإنَّما لم يجبْ ضَمانُ ماعزٍ على الذين قَتلُوه بعدَ هَرَبِه؛ لأنَّه ليس بِصَريحٍ في الرُّجوعِ. إذا ثبت هذا، فإنَّه إذا هَرَبَ لم يُتْبَعْ؛ لقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هَلَّا تَرَكْتُمُوه". وإن لم يُتْرَكْ وقُتِلَ، لم يُضْمَنْ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يُضَمِّنْ ماعزًا مَنْ قَتَلَه، ولأنَّ هربَه ليس بِصَريحٍ في رُجوعِه. وإن قال: رُدُّونى إلى الحاكمِ. وجبَ ردُّه، ولم يَجُزْ إتْمامُ الحَدِّ، فإنْ أُتِمَّ، فلا ضَمانَ على مَن أَتمَّه؛ لمَا ذكرْنَا في هَرَبِه. وإن رجعَ عن إقْرارِهِ، وقال: كذَبْتُ في إقْرارِى. أو: رجعتُ عنه. أو: لم أفعلْ ما أقْرَرْتُ به. وجبَ تركهُ، فإنْ قَتَلَه قاتِلٌ بعدَ ذلك، وجبَ ضَمانُه؛ لأنَّه قد زالَ إقْرارُه بالرُّجوعِ عنه، فصارَ كمَن لم يُقِرَّ، ولا قصاصَ على قاتِلِه؛ لأنَّ أهلَ العلمِ اخْتَلفُوا في صحَّةِ رُجوعِه، فكان اخْتلافُهم شُبْهَةً دارئةً للقِصاصِ، ولأنَّ صِحَّةَ الإِقْرارِ ممَّا يَخْفَى، فيكونُ ذلك عُذْرًا مانِعًا من وُجوبِ القِصَاصِ.

١٥٦١ - مسألة؛ قال: (أوْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ مِنَ المُسْلِمِينَ أحرارٌ عُدُولٌ، يَصِفُونَ الزِّنَى)

ذكر الْخِرَقِىُّ في شُهودِ الزِّنَى سبعةَ شُروطٍ؛ أحدُها، أن يكونوا أربعةً. وهذا إجماعٌ،


(٢) تقدم تخريجه، في صفحة ٣١٢.
(٣) سقط من: ب.
(٤) في: باب رجم ماعز بن مالك، من كتاب الحدود. سنن أبي داود ٢/ ٤٦٠.
(٥) في الأصل: "والحد يدرأ".

<<  <  ج: ص:  >  >>