للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإذا حَبِلَتِ (٥٧) امرأةٌ لا زَوْجَ لها، ولا سَيِّدَ، لم يَلْزَمْها الحَدُّ بذلك، وتُسْأَلُ فإنِ ادَّعَتْ أنَّها أُكْرِهَتْ، أو وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، أو لم تَعْتَرِفْ بالزِّنَى، لم تُحَدَّ. وهذا قولُ أبي حنيفةَ، والشافعىِّ. وقال مالكٌ: عليها الحَدُّ إذا كانت مُقِيمَةً (٥٨) غيرَ غريبةٍ، إلَّا أنْ تظهرَ أماراتُ الإِكْرَاهِ، بأن تَأْتِىَ مُسْتَغِيْثَةً أو صارِخَةً؛ لقولِ عمرَ، رَضِىَ اللهُ عنه: والرَّجْمُ واجِبٌ على كُلِّ مَنْ زَنَى من الرِّجَالِ والنِّساءِ إذا كان مُحْصنًا، إذا قامَتْ بَيِّنَةٌ، أو كان الحَبَلُ أو الاعْترافُ (٥٩). ورُوِيَ أنَّ عثمانَ أُتِىَ بامرأةٍ وَلَدَتْ لستَةِ أشْهُرٍ، فأَمَرَ بها عثمانُ أن تُرْجَمَ، فقال عليٌّ: ليس لك عليها سبيلٌ، قال اللَّه تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} (٦٠). وهذا يدُلُّ (٦١) على أنَّه كان يرْجُمُها بحَمْلِها، وعن عمرَ نحوٌ مِن هذا. ورُوِىَ عن عليٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه. أنَّه قال: يا أيُّها النَّاسُ، إن الزِّنَى زِنَاءَان؛ زِنَى سِرٍّ، وزنَى عَلَانِيَةٍ، فزِنَى السِّرِّ أن يشْهدَ الشُّهودُ، فيكونَ الشهودُ أَوَّلَ مَن يَرْمِى، وزِنَى العَلَانِيَةِ أنْ يظهرَ الحَبَلُ أو الاعْترافُ، فيكونَ الإِمامُ أَوَّلَ من يَرْمِى (٦٢). وهذا قولُ سادةِ الصحابةِ، ولم يظْهَرْ لهم في عَصْرِهم مُخالِفٌ، فيكونُ إجْماعًا. ولَنا، أنَّه يَحْتَمِلُ أنَّه مِنْ وَطءِ إكْراهٍ أو شُبْهةٍ، والحَدُّ يسْقطُ بالشُّبُهاتِ. وقد قِيلَ: إنَّ المرأةَ تَحْمِلُ من غيرِ وَطْءٍ بأن يَدْخُلَ ماءُ الرَّجُلِ في فَرْجِها، إمَّا بفِعْلِها أو فِعْلِ غيرِها. ولهذا تُصُوِّرَ حَمْلُ البِكْرِ، فقد وُجِدَ ذلك. وأما قَوْلُ الصَّحابةِ، فقد اخْتَلفتِ الرِّوَايَةُ عنهم، فرَوَى سعيدٌ، حدَّثنا خَلفُ بنُ خَلِيفةَ، حدَّثنا أبو (٦١) هاشِمٍ، أنَّ امرأةً،


(٥٧) في م: "أحبلت".
(٥٨) في م: "القيمة".
(٥٩) تقدم تخريجه، في: ١١/ ١١.
(٦٠) سورة الأحقاف ١٥.
وأخرجه البيهقي، في: باب ما جاء في أقل الحمل، من كتاب العدد. السنن الكبرى، ٧/ ٤٤٢، ٤٤٣. وعبد الرزاق، في: باب التي تضع لستة أشهر، من كتاب الطلاق. المصنف ٧/ ٣٥٢. وسعيد بن منصور، في: باب المرأة تلد لستة أشهر، من كتاب الطلاق. السنن ٢/ ٦٦.
كما تقدم عن عمر مثله في: ١١/ ٢٣١.
(٦١) سقط من: م.
(٦٢) تقدم تخريجه، في صفحة ٣١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>