للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوَّلَهُ. أخْرَجَهُ البُخَارِىُّ (١٠).

فصل: والمُخْتَارُ عند أبى عبدِ اللهِ، رَحِمَهُ اللهُ، فيها عِشْرُونَ رَكْعَةً. وبهذا قال الثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفة، والشَّافِعِىُّ. وقال مالِكٌ: سِتَّةٌ وثَلَاثُونَ. وزَعَم أنَّه الأمْرُ القَدِيمُ، وتَعَلَّقَ بِفِعْلِ أهْلِ المَدِينَةِ، فإنَّ صالِحًا مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، قال: أدْرَكْتُ الناسَ يَقُومُونَ بإحْدَى وأرْبَعِينَ رَكْعَة، يُوتِرُونَ منها بِخَمْسٍ. ولَنا، أنَّ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عنه، لمَّا جَمَعَ النَّاسَ على أُبَىِّ بنِ كَعْبٍ، وكان يُصَلِّى بهم (١١) عِشْرِينَ رَكْعَةً، وقد رَوَى الحسنُ أن عُمَرَ جَمَعَ النَّاسَ على أُبَىِّ بنِ كَعْبٍ، فكان يُصَلِّى لهم عِشْرِينَ لَيْلَةً، ولا يَقْنُتُ بهم إلا في النِّصْفِ الباقِى (١٢). فإذا كانت العَشْرُ الأَوَاخِرُ تَخَلَّفَ أُبَىٌّ، فصَلَّى في بَيْتِه، فكانُوا يَقُولُونَ: أبَقَ أُبَىٌّ. رَوَاه أبو دَاوُدَ، ورَوَاهُ السَّائِبُ بن يَزِيدَ، ورُوِىَ عنه من طُرُقٍ. ورَوَى مالِكٌ، عن يَزِيدَ بن رُومَان، قال: كان النّاسُ يَقُومُونَ في زَمَنِ عمرَ في رمضانَ بِثَلَاثٍ وعِشْرِينَ رَكْعَةً. وعن عليٍّ، أنَّه أمَرَ رَجُلًا يُصَلِّى بهم في رمضانَ عِشْرِينَ رَكْعَةً. وهذا كالإِجْماعِ، فأمَّا ما رَوَاهُ صَالِحٌ، فإنَّ صَالِحًا ضَعِيفٌ، ثم لا نَدْرِى مَن النَّاسُ الَّذِينَ أخْبَرَ عنهم؟ فَلَعَلَّه قد أدْرَكَ جَمَاعَةً من النَّاسِ يَفْعَلُونَ ذلك، وليس ذلك بِحُجَّةٍ، ثم لو ثَبَتَ أنَّ أهْلَ المَدِينَةِ كُلَّهم فَعَلُوه لَكانَ ما فَعَلَهُ عمرُ، وأجْمَعَ عليه الصَّحَابَةُ في عَصْرِهِ، أوْلَى بالاتِّبَاعِ، قال بعضُ أهْلِ العِلْمِ: إنَّما فعلَ هذا أهْلُ المَدِينَةِ لأنَّهم أرَادُوا مُسَاوَاةَ أهْلِ مَكَّة، فإنَّ أهْلَ مَكَّةَ يَطُوفُونَ سَبْعًا بين كل تَرْوِيحَتَيْنِ، فَجَعَلَ أهْلُ المَدِينَةِ مكانَ كلِّ سَبْعٍ أرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وما كان عليه أصْحَابُ رَسُولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَوْلَى وأحَقُّ أنْ يُتَّبَعَ.


(١٠) في: باب فضل من قام رمضان، من كتاب صلاة التراويح. صحيح البخاري ٣/ ٥٨. ومالك، في: باب ما جاء في قيام رمضان، من كتاب الصلاة في رمضان. الموطأ ١/ ١١٤، ١١٥.
(١١) في أ، م: "لهم".
(١٢) في أ، م: "الثاني". وتقدم في صفحة ٥٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>