للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِيَلْبَسَهُ، فحَمَلَ فيه تُرَابًا، فإنَّه يَضْمَنُ نَقْصَهُ ومَنَافِعَه؛ لأنَّه تَلِفَ بِتَعَدِّيه. وإن تَلِفَ بغير تَعَدٍّ منه (٢١) ولا اسْتِعْمَالٍ، كتَلَفِهَا لِطُولِ الزَّمَانِ عليها، ووُقُوعِ نارٍ عليها، فيَنْبَغِى أن يَضْمَنَ ما تَلِفَ منها بالنَّارِ ونحوِها؛ لأنَّه تَلَفٌ لم يَتَضَمَّنْهُ (٢٢) الاسْتِعْمالُ المَأْذُونُ فيه، فأَشْبَهَ تَلَفَها بِفِعْلٍ غيرِ مَأْذُونٍ فيه. وما تَلِفَ بمُرُورِ الزَّمَانِ عليه، يكونُ حُكْمُه حُكْمَ ما تَلِفَ بالاسْتِعْمالِ؛ لأنَّه تَلِفَ بالإِمْسَاكِ المَأْذُونِ فيه، فأشْبَهَ تَلَفَهُ بالفِعْلِ المَأْذُونِ فيه.

فصل: فأمَّا وَلَدُ العَارِيَّةِ، فلا يَجِبُ ضَمَانُه، في أحَدِ الوَجْهَيْنِ؛ لأنَّه لم يَدْخُلْ في الإِعَارَةِ، فلم يَدْخُلْ في الضَّمَانِ، ولا فائِدَةَ لِلْمُسْتَعِيرِ فيه، فأشْبَهَ الوَدِيعَةَ، ويَضْمَنُه في الآخَرِ؛ لأنَّه وَلَدُ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ، فيُضْمَنُ، كوَلَدِ المَغْصُوبةِ. والأَوَّلُ أَصَحُّ؛ فإنَّ وَلَدَ المَغْصُوبةِ لا يضْمَنُ إذا لم يكُنْ مَغْصُوبًا. وكذلك وَلَدُ العارِيَّةِ إذا لم يُوجَدْ مع أُمِّهِ. وإنَّما يُضْمَنُ وَلَدُ المَغْصُوبَةِ إذا كان مَغْصُوبًا، فلا أثَرَ لِكَوْنِه وَلَدًا لها.

فصل: ويَجِبُ ضَمَانُ العَيْنِ بِمِثْلِها إن كانتْ من ذَوَاتِ الأَمْثَالِ، فإن لم تَكُنْ مِثْلِيَّةً، ضَمِنَها بِقِيمَتِها يومَ تَلَفِها، إلَّا على الوَجْهِ الذي يَجِبُ فيه ضَمانُ الأَجْزَاءِ التّالِفَةِ بالانْتِفَاعِ المَأْذُونِ فيه، فإنَّه يَضْمَنُها بِقِيمَتِها (٢٣) قبلَ تَلَفِ أَجْزَائِها، إن كانت قِيمَتُها حِينَئِذٍ أكْثَرَ، وإن كانتْ أقَلَّ، ضَمِنَها بِقِيمَتِها يومَ تَلَفِها، على الوَجْهَيْنِ جَمِيعًا.

فصل: وإن كانت العَيْنُ باقِيَةً، فعَلَى المُسْتَعِيرِ رَدُّهَا إلى المُعِيرِ أو وَكِيلِه في قَبْضِها، ويَبْرَأُ ذلك من ضَمَانِها. وإن رَدَّها إلى المَكَانِ الذي أخَذَهَا منه، أو إلى مِلْكِ صَاحِبِها، لم يَبْرَأْ من ضَمَانِها. وبهذا قال الشّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفَةَ: يَبْرَأُ؛ لأنَّها صَارَتْ كالمَقْبُوضَةِ، فإنَّ رَدَّ العَوَارِىِّ في العَادَةِ يَكونُ إلى أَمْلَاكِ أَرْبَابِها، فيكونُ مَأْذُونًا


(٢١) في الأصل: "تعديه".
(٢٢) في الأصل: "يتضمن".
(٢٣) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>