للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن تكونَ على حَسَبِه، كما أنَّ مُعَجِّلَ الزَّكَاةِ قبل وُجُوبِها يُؤَدِّيها على صِفَةِ أدَائِها بعدَ وُجُوبِها، وكذلك الكَفَّاراتُ المُعَجَّلَةُ، ولأنَّ الذَّكَرَ أحْوَجُ من الأُنْثَى، من قِبَلِ أنَّهما إذا تَزَوَّجَا جَمِيعًا فالصَّدَاقُ والنَّفَقَةُ ونَفَقَةُ الأوْلادِ على الذَّكَرِ، والأُنْثَى لها ذلك، فكان أَوْلَى بالتَّفضِيلِ؛ لزِيَادَةِ حاجَتِه، وقد قَسَّمَ اللهُ تعالى المِيرَاثَ، ففَضَّلَ الذَّكَرَ مَقْرُونًا بهذا المَعْنَى فَتُعَلَّلُ به، ويَتَعَدَّى ذلك إلى العَطِيَّةِ في الحيَاةِ. وحَدِيثُ بَشِيرٍ قَضِيَّةٌ في عَيْنٍ، وحِكَايَةُ حالٍ لا عُمُومَ لها، وإنَّما ثَبَتَ حُكْمُها فيما مَاثَلَها، ولا نَعْلَمُ حالَ أوْلَادِ بَشِيرٍ، هل كان فيهم أُنْثَى أو لا؟ ولَعَلَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قد عَلِمَ أنَّه ليس له إلَّا وَلَدٌ ذَكَرٌ. ثم تُحْمَلُ التَّسْوِيَةُ على القِسْمَةِ على كتابِ اللَّه تعالى. ويَحْتَمِلُ أنَّه أرَادَ التَّسْوِيَةَ في [أصْلِ العَطَاءِ، لا في صِفَتِه، فإن القِسْمَةَ لا تَقْتَضِى التَّسْوِيَةَ] (١٨) من كلِّ وَجْهٍ وكذلك الحَدِيثُ الآخَر (١٩)، ودَلِيلُ ذلك قولُ عَطَاءٍ: ما كانوا يُقَسِّمُونَ إلَّا على كِتَابِ اللَّه تعالى. وهذا خَبَرٌ عن جَمِيعِهم، على أنَّ الصَّحِيحَ من خَبَرِ ابن عَبّاسٍ أنَّه مُرْسَلٌ.

فصل: وليس عليه التَّسْوِيَةُ بين سائِرِ أقَارِبِه، ولا إعْطَاؤُهم على قَدْرِ مَوَاريثِهِم، سواءٌ كانوا من جِهَةٍ واحِدَةٍ، كإخْوَةٍ وأخَوَاتٍ، وأعْمَامٍ وبَنِى عَمٍّ، أو من جِهَاتٍ، كَبَنَاتٍ وأخَوَاتٍ وغيرِهم. وقال أبو الخَطَّابِ: المَشْرُوعُ في عَطيَّةِ الأوْلادِ وسائِرِ الأقارِبِ، أن يُعْطِيَهم على قَدْرِ مَواريثهم (٢٠)، فإن خالَفَ وفَعَلَ، فعليه أن يَرْجِعَ ويَعُمَّهُم بالنِّحْلَةِ؛ لأنَّهم في مَعْنَى الأوْلادِ، فثَبَتَ فيهم مثلُ حُكْمِهِم. ولَنا، أنَّها عَطِيّةٌ لغيرِ الأوْلادِ في صِحَّتِه، فلم تَجِبْ عليه التَّسْوِيَةُ، كما لو كانوا غيرَ وارِثِينَ، ولأنَّ الأصْلَ إباحَةُ تَصَرُّفِ الإِنْسانِ في مالِه كيف شاءَ، وإنَّما وَجَبَتِ التَّسْوِيَةُ بين الأوْلادِ بالخَبَرِ، وليس غيرُهم في مَعْنَاهُم؛ لأنَّهم اسْتَوَوْا في وُجُوبِ بِرِّ والدِهِم، فاستَوَوْا في


(١٨) سقط من: الأصل. نقل نظر.
(١٩) سقط من: الأصل.
(٢٠) في م: "ميراثهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>