للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنَّخَعِىُّ: لا قِصاصَ في الجائفةِ. ورَوَى ابن ماجَه، في "سُنَنِه" (٧)، عن العباسِ بن عبدِ المُطَّلِبِ، عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "لَا قَوَدَ في الْمَأْمُومَةِ، وَلَا في الْجَائِفَةِ، ولا في المُنَقِّلَةِ (٨) ". ولأنَّهما جُرْحانِ لا تُؤْمَنُ الزِّيادةُ فيهما، فلم يَجِبْ فيهما (٩) قِصاصٌ، ككَسْرِ العِظَامِ.

فصل: وليس في شىءٍ من شِجَاجِ الرَّأسِ قِصاصٌ سِوَى المُوضِحةِ، سواءٌ (١٠) في ذلك ما دون المُوضِحَةِ، كالحارِصَةِ، والبَازِلةِ، والباضِعَةِ، والمُتَلَاحِمَةِ، والسِّمْحاقِ، وما فَوْقَها، وهى الهاشِمةُ والمُنَقِّلَةُ والآمَّةُ (١١) وبهذا قال الشافعيُّ. فأمَّا ما فوقَ المُوضِحَةِ، فلا نَعْلَمُ أحدًا أَوْجَبَ فيها القِصاصَ، إلَّا ما رُوِىَ عن ابن الزُّبَيْرِ، أنَّه أقَادَ من المُنَقِّلَةِ، وليس بثابِتٍ عنه. وممَّن قال به؛ عَطاءٌ، وقَتادةُ، وابْنُ شُبْرُمَةَ، ومالكٌ، والشافعيُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. قال ابنُ المنذرِ: لا أعلمُ أحَدًا خالَفَ ذلك. ولأنَّهما جِراحَتَانِ لا تُؤْمَنُ الزِّيادةُ فيهما، أشْبَها المَأْمُومةَ والجائِفَةَ. وأمَّا ما دُونَ المُوضِحَةِ، فقد رُوِىَ عن مالكٍ وأصْحابِ الرَّأْىِ، أنَّ القِصاصَ يَجِبُ في الدَّامِيَةِ والباضِعَةِ والسِّمْحاقِ. ولَنا، أنَّها جراحةٌ لا تَنْتَهِى إلى عَظْمٍ، فلم يَجِبْ فيها قِصاصٌ، كالمَأْمُومةِ، ولأنَّه لا يُؤْمَنُ فيها الزِّيادةُ، فأشْبَهَ كَسْرَ العِظامِ، وبيانُ ذلك، أنَّه إن اقْتَصَّ من غيرِ تَقْدِيرٍ، أفْضَى إلى أن يَأْخُذَ أكْثَرَ من حَقِّه، وإن اعْتَبَرَ مِقْدارَ العُمْقِ، أفْضَى إلى أن يَقْتَصَّ من الباضِعَةِ والسِّمْحاقِ مُوضِحةً، ومن الباضِعَةِ سِمْحاقًا؛ لأنَّه قد يكون لَحْمُ المشْجُوجِ كثيرًا، بحيثُ يكونُ عُمْقُ باضِعَتِه [كعُمْقِ مُوضحَةٍ الشَّاجِّ] (١٢)، أو سِمْحاقِه، ولأنَّنا لم نَعْتبِرْ في المُوضِحَةِ قدْرَ عُمْقِها، فكذلك في غيرِها. وبهذا قال الحَسَنُ، وأبو عُبَيْدٍ.


(٧) في: باب ما لا قود فيه، من كتاب الديات. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٨١.
(٨) في م: "المنقتلة".
(٩) في م: "فيها".
(١٠) في م: "وسواء".
(١١) يأتي تعريف ذلك كله في باب ديات الجراح.
(١٢) في الأصل، أ، ب: "كعمق موضحة كموضحة الشاج". وفي م: "كموضحة الشاج". ولعل الصواب ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>