للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به (٢٣) مِن الغُسْلِ بعد قَطْعِ النِّيَّة لا (٢٤) يُعْتَدُّ به؛ لأنه وُجِدَ بَغَيْرِ شَرْطِه. فإن أعاد غُسْلَه بِنِيَّةٍ قَبْلَ طُولِ الفَصْلِ، صَحَّتْ طَهَارَتُه؛ لِوُجُودِ أفْعالِ الطَّهارةِ كُلِّها مَنْوِيَّةً مُتَوالِيةً. وإن طالَ الفَصْلُ، انْبَنَى ذلك عَلَى وُجُوبِ المُوالاةِ في الوُضُوءِ، فإنْ قُلْنَا: هي واجِبَةٌ. بَطَلَتْ طَهَارَتُه؛ لِفَواتِها، وإن قُلْنا: هي غَيْرُ واجِبَةٍ. أتَمَّها.

فصل: وإن شَكَّ في النِّيَّةِ في أثناءِ الطهارةِ لَزِمَهُ اسْتِئْنافُها؛ لأنها عِبادَةٌ شَكَّ في شَرْطِها وهو فيها، فلَمْ تَصِحَّ كالصلاةِ، إلَّا أنَّ النِّيَّةَ إنَّما هي القَصْدُ: ولا يُعْتَبَرُ مُقَارَنَتُها، فمَهْمَا عَلِمَ أنه جَاءَ لِيَتَوَّضَأ أو أرادَ (٢٥) فِعْلَ الوُضُوءِ مُقَارِنًا له أو سابِقًا عليه قَرِيبًا منه فقد وُجِدَت النِّيةُ، وإن شَكَّ في وُجُودِ ذلك في أثناء الطَّهارةِ لَمْ يَصِحَّ ما فَعَلَهُ منها، وهكذا إن شَكَّ في غَسْلِ عُضْوٍ أو مَسْحِ رَأْسِهِ، كان حُكْمُه حُكْمَ مَنْ لم يَأْتِ به، لأنَّ الأَصْلَ عَدَمُه، إلَّا أنْ يكون ذلك وَهْمًا كالوَسْوَاسِ، فلا يُلْتَفَتُ إليه. وإن شَكَّ في شيءٍ من ذلك بعد فَرَاغِهِ من الطَّهارةِ لم يُلْتَفَتْ إلى شَكِّه؛ لأنه شَكَّ في العِبادَةِ بعد فَرَاغِه منها، أشْبَه الشَّكَّ في شَرْطِ الصلاةِ، ويحْتَمِلُ أنْ تَبْطُلَ الطَّهارةُ؛ لأنَّ حُكْمَها باقٍ، بدَلِيلِ بُطْلَانِها بمُبْطِلَاتِها، بخِلَافِ الصَّلاةِ. والأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لأنَّها كانت مَحْكُومًا بصِحَّتِها قَبْلَ شَكِّه، فلا يَزُولُ ذلك بالشَّكِّ، كما لو شَكَّ في وُجُودِ الحَدَثِ المُبْطِلِ.

فصل: وإذا وَضَّأَهُ غيرُه اعْتُبِرَتِ النِّيَّةُ مِن المُتَوَضِّئ دُونَ المُوَضِّئ؛ لأنَّ المُتَوَضِّئ هو المُخَاطَبُ بالوُضُوءِ، والوُضُوءُ يَحْصُلُ له بخِلَافِ المُوَضِّئ، فإنَّه آلةٌ لا يُخَاطَبُ به (٢٦)، ولا يَحْصُلُ له شيءٌ (٢٦) فأشْبَهَ الإِناءَ أو حامِلَ الماءِ إليه.

فصل: وإذا تَوَضَّأَ وصَلَّى الظُهْرَ، ثم أَحْدَثَ وتَوَضَّأَ وصَلَّى العَصْرَ، ثم عَلِمَ أنه تَرَكَ مَسْحَ رَأْسِه، أو واجِبًا في الطَّهارةِ في أحَدِ الوُضُوئَيْنِ، لَزِمَهُ إعادةُ الوُضُوءِ


(٢٣) سقط من: م.
(٢٤) في م: "لم".
(٢٥) في م: "وأراد".
(٢٦) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>