للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا اسْتَنْجَى بالماء ثم فَرَغَ، اسْتُحِبَّ له دَلْكُ يَدِه بالأرْضِ؛ لما رُوِىَ عن مَيْمُونة، أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَعَل ذلك. رَوَاهُ البُخارِىّ (١٦). ورُوِىَ أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَضَى حاجَتَه، ثم اسْتَنْجَى مِنْ تَوْرٍ، ثُمَّ (١٧) دَلَكَ يَدَه بالأَرْضِ. أخرجَهُ ابنُ مَاجَه (١٨). وإنِ اسْتَنْجَى عَقِيبَ انقِطاعِ البَوْلِ، جازَ؛ لأنَّ الظاهرَ انْقِطاعُه، وقد قيل: إن الماءَ يَقْطَعُ البَوْلَ. ولذلك سُمِّىَ الاسْتِنْجاءُ انْتِقاصَ الماءِ.

ويُسْتَحَبُّ أن يَنْضَحَ على فَرْجِه وسَرَاويله؛ ليُزِيلَ الوَسْوَاس عنه. قال حَنْبَلُ: سألتُ أحمَد، قلتُ: أَتَوَضَّأُ وأسْتَبْرِىءُ، وأَجِدُ في نَفْسِى أنِّى قد أحْدَثْتُ بَعْدُ (١٩)! قال: إذا تَوَضَّأْتَ فاسْتَبْرِىءْ، وخُذْ كَفًّا من ماءٍ فَرُشَّه على فَرْجِكَ، ولا تَلْتِفَتْ إليه، فإنَّه يذهبُ إنْ شاء اللهُ. وقد رَوَى أبُو هُرَيْرةَ، أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "جاءَنِى جِبْرِيلُ، فقالَ: يا مُحمَّدُ، إذا تَوَضَّأْتَ فانْتَضِحْ". وهو حديثٌ غَرِيبٌ (٢٠).

٣٨ - مسألة؛ قال: (والخَشَبُ والخِرَقُ وكُلُّ ما أُنْقِىَ بِهِ فَهُوَ كَالأَحْجَارِ)

هذا الصَّحيحُ من المَذْهبِ، وهو قَوْلُ أكثرِ أهلِ العلم. وفيه روايةٌ أخرى، لا يُجْزِىءُ إلَّا الأحْجَارُ. اخْتارها أبو بكر، وهو مذهب داود؛ لأن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمَرَ بالأَحْجارِ، وأمْرُه يقْتَضِى الوُجُوبَ، ولأنَّه مَوْضِعُ رُخْصةٍ وَرَدَ الشرعُ فيها بآلةٍ مَخْصُوصةٍ، فوجبَ الاقْتِصارُ عليها، كالتُّرَابِ في التَّيَمُّمِ. ولنَا ما روَى أبو داود (١)،


(١٦) في: باب الغسل مرة واحدة، وباب المضمضة والاستنشاق في الجنابة، وباب مسح اليد بالتراب ليكون أنقى، من كتاب الغسل. صحيح البخاري ١/ ٧٣، ٧٤.
(١٧) في م: "ودلك".
(١٨) في: باب من دلك يده بالأرض بعد الاستنجاء، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه ١/ ١٢٨.
(١٩) في م: "بعده".
(٢٠) أخرجه الترمذي، في: باب في النضح بعد الوضوء، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذى ١/ ٦٥. وابن ماجه، في: باب ما جاء في النضح بعد الوضوء، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه ١/ ١٥٧.
(١) في: باب الاستنجاء بالأحجار، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ١٠. وأخرجه أيضًا ابن ماجه، في: الاستنجاء بالحجارة، والنهى عن الروث والرمة، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه ١/ ١١٤. والدارمى، في: باب الاستطابة، من كتاب الطهارة. سنن الدارمي ١/ ١٧٢. والإمام أحمد، في: المسند ٥/ ٢١٣، ٢١٤، ٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>