للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخْتَ أُمِّ الأبِ، دَلّ على تَقْدِيمِها، وذلك لأنَّها تُدْلِى بعَصَبةٍ، مع مُساواتِها للأُخْرَى في الوِلادةِ، فوَجَبَ تقدِيمُها، كتَقْدِيمِ الأُخْتِ من الأبِ على الأُخْتِ من الأُمِّ، وإنما قُدِّمَتِ الأمُّ على الأبِ؛ لأنَّها أُنْثَى (٦) تَلِى الحضانةَ بنَفْسِها، فكذلك أُمُّه، فإنَّها أُنْثَى تَلِى بنَفْسِها، فقُدِّمَتْ لما ذكرْناه.

١٤٠٣ - مسألة؛ قال: (والْأُخْتُ مِنَ الْأَبِ أَحَقُّ مِن الْأُخْتِ مِنَ الْأُمِّ، وأحَقُّ مِنَ الْخَالَةِ)

وجملتُه أنَّه إذا عُدِمَ مَنْ يَسْتَحِقُّ الحضانةَ، من الآباءِ والأُمَّهاتِ وإن عَلَوْا، انْتقَلتْ إلى الأخَوَاتِ، وقُدِّمْنَ على سائرِ القَراباتِ، كالخالاتِ والعَمَّاتِ وغيرِهِنَّ؛ لأنَّهُنَّ شارَكْنَ في النَّسَبِ، وقُدِّمْنَ في الميراثِ، ولأنَّ العَمَّاتِ والخالاتِ إنَّما يُدْلِينَ بأُخُوَّةِ الآباءِ والأُمّهاتِ، ولا مِيراثَ لهنَّ مع ذِى فَرْضٍ ولا عَصَبةٍ، فالمُدْلِى إلى نفسِ المَكْفُولِ ويَرِثُه، أقْرَبُ وأشْفَقُ، فكان أَوْلَى. وأَوْلَى الأَخَواتِ مَنْ كان لأبَوَيْنِ، لقُوّةِ قَرابَتِها، [ثم مَنْ كان لأبٍ] (١)، ثم مَنْ كان لأُمٍّ، نَصَّ عليه أحمدُ، وهو ظاهرُ مذهبِ الشافعىِّ. وقال أبو حنيفةَ: الأخْتُ من الأُمِّ أَوْلَى من الأُخْتِ من الأبِ. وهو قولُ الْمُزَنِىِّ، وابنِ سُرَيْجٍ؛ لأنَّها أدْلَتْ بالأُمِّ، فقُدِّمَتْ على المُدْلِيةِ بالأبِ، كأُمِّ الأُمِّ مع أُمِّ الأبِ. وقال ابن سُرَيْجٍ: تُقَدَّمُ الخالةُ على الأُخْتِ من الأبِ؛ لذلك. ولأبِى حنيفةَ فيه (٢) رِوَايتان. ولَنا، أنَّ الأُخْتَ من الأبِ أقْوى في الميراثِ، فقُدِّمَتْ، كالأُخْتِ من الأبَوَيْنِ، ولا تَخْفَى قُوَّتُها، فإنَّها أُقِيمَتْ مُقامَ الأخْتِ من الأبَوَيْنِ عندَ عَدَمِها، وتكونُ عَصبةً مع البَناتِ، وتُقاسِمُ الجَدَّ، وما ذكَرُوه من الإِدْلاءِ لا يَلْزَمُ؛ لأنَّ الأُخْتَ تُدْلِى بنَفْسِها؛ لكَوْنِهما خُلِقَا من ماءٍ واحدٍ، ولها (٣) تَعْصِيبٌ، فكانتْ أَوْلَى. واللهُ أعلم.


(٦) في أ، م: "التي".
(١) سقط من: ب.
(٢) سقط من: ب.
(٣) في ب، م: "ولهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>