للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمَّا إِنْ أذِنَ له سَيِّدُه فى التَّسَرِّى، جاز له. وقال الشافعىُّ: لا يجوزُ له ذلك، وإن أَذِنَ له (٨) فيه سَيِّدُه. فى أحَدِ القَوْلَيْنِ؛ لأَنَّه أمْرٌ يُضِرُّ به، وربَّما أفْضَى إلى مَنْعه من العِتْقِ، فلم يَجُزْ وإِنْ أذِنَ فيه سَيِّدُه، ولأنَّه ناقِصُ المِلْكِ، فلم يَجُزْ له التَّسَرِّى، كوَطْءِ الجاريةِ المُشْتَرَكَةِ. ولَنا، أنَّه لو أذِنَ لعَبْدِه القِنِّ فى التّسَرِّى، جازَ، فالمُكاتَبُ أَوْلَى , ولأنَّ المَنْعَ كان لأجْلِ الضَّرَرِ بالسَّيِّدِ، فجاز بإذْنِه (٩)، كالتَّزْوِيج. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه إذا تَسَرَّى بإذْنِ سَيِّدِه، أو غيرِ إذْنِه، فلا حَدَّ عليه؛ لشُبْهةِ المِلْكِ، ولا مَهْرَ عليه؛ لأَنَّه لو وَجَبَ لَوَجَبَ له، ولا يَجِبُ على الإِنسانِ شىءٌ لنَفْسِه. وإن حَبِلَتْ، فالنَّسَبُ لَاحِقٌ به؛ لأنَّ الحَدَّ إذا سَقَطَ بالشُّبْهةِ، لَحِقَه النَّسَبُ، ويكونُ الولدُ مملوكًا له؛ لأَنَّه ابنُ أمَتِه، ولا يَعْتِقُ عليه؛ لأنَّ مِلْكَه غيرُ تامٍّ، وليس له بَيْعُه؛ لأَنَّه ولَدُه، ويكون مَوْقوفًا على كتابتِه، فإن أدَّى، عَتَقَ، وعَتَقَ الولدُ؛ لأَنَّه مِلْكٌ لأِبيه الحُرِّ، وإن عَجَزَ، وعاد إلى الرِّقِّ، فولدُه رَقِيقٌ أيضًا، ويكُونان مَمْلوكَيْنِ للسَّيِّدِ. فأمَّا الأمَةُ، فإنْ ولَدَتْ قبلَ عِتْقِه وعَجْزِه، فإنَّها تصيرُ أُمَّ ولَدٍ للمُكاتَبِ، وليس له بَيْعُها. نَصَّ عليه أحمدُ؛ لأنَّ ولَدَها له حُرْمةُ الحُرِّيَّةِ، ولا يجوزُ بَيْعُه. ويعْتِقُ بعِتْقِ أبيه، فكذلك أُمُّه. فعلى هذا، لا يجوزُ بَيْعُها، وتكون مَوْقوفةً مع (١٠) المكاتَبِ، إن عَتَقَ، فهى أُمُّ ولَدٍ (١١)، وإن رَقَّ، رَقَّتْ. وقال القاضى، فى موضعٍ. لا تصيرُ أُمَّ ولَدٍ بحالٍ، وله بَيْعُها؛ لأنَّها حَمَلَتْ بمَمْلوكٍ، فى مِلْكٍ غير تامٍّ. وللشافعىِّ قَوْلان، كهذَيْنِ الوَجْهَيْنِ. وإن وضَعَتْه بعدَ عِتْقِه لأقَلَّ مِن سِتَّةِ أشْهُرٍ، تَبَيَّنَّا أنَّها حَمَلَتْ به فى حالِ رِقِّه، فالحكمُ على ما مَضَى. وإن أتَتْ به كْثرَ مِن سِتَّةِ أشْهُرٍ، حَكَمْنا أنَّها حَمَلَتْه حُرًّا؛ لأنَّنا لم نتَيَقَّنْ وُجُودَه فى حالِ الرِّقِّ، وتكونُ أُمَّ ولَدٍ؛ لأنَّها عَلِقَتْ بحُرٍّ فى مِلْكِه. وللشافعىِّ مِن التَّفْصيلِ نحوٌ ممَّا ذكَرْنا.

فصل: وليس للمُكاتَبِ أَنْ يُزَوِّجَ عَبِيدَه وإماءَه، بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه. وهذا قولُ الشافعىِّ، وابنِ المُنْذِرِ. وذُكِرَ عن مالكٍ أَنَّ له ذلك، إذا كان على وَجْهِ النَّظَرِ؛ لأَنَّه عَقْدٌ


(٨) سقط من: أ، م.
(٩) فى م: "تأديبه".
(١٠) فى ب, م: "على".
(١١) فى أ، م: "ولده".

<<  <  ج: ص:  >  >>