للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه أحمدُ، في روايةِ ابنِ زِيَادٍ، فقال: يَلْزَمُ الرَّجُلَ نَفقةُ [بنتِ عمِّه] (٢٠)، ولا يَلْزَمُه نَفقةُ بنتِ أُخْتِه. وذكَرَ أصحابُنا رِوايةً أُخْرَى، لا تجبُ النَّفقةُ على الوارِثِ ههُنا؛ لقولِ أحمدَ: العَمَّةُ والخالةُ لا نفقةَ لهما. إلَّا أنَّ القاضىَ قال: هذه الرِّوايةُ محمولةٌ على العَمَّةِ من الأُمِّ، فإنَّه (٢١) لا يَرِثُها؛ لكوْنِه ابنَ أخِيها من أُمِّها. وقد ذكَرَ الْخِرَقِىُّ، أنَّ على الرَّجُلِ نَفقةَ مُعْتِقِه؛ لأنَّه وارِثُه. ومعلومٌ أنَّ المُعْتَقَ لا يَرِثُ مُعْتِقَه، ولا تَلْزَمُه نفَقَتُه. فعلى هذا، يَلْزَمُ الرجلَ نفقةُ عَمَّتِه لأبَوَيْه أو لأبِيه وابْنةِ عَمِّه وابْنةِ أُخْتِه كذلك، ولا يَلْزَمُهُنَّ نفَقَتُه. وهذا هو الصَّحِيحُ إن شاء اللَّه تعالى؛ لقولِ اللَّه تعالى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ}. وكل واحدٍ من هؤلاء وارِثٌ.

١٣٨٤ - مسألة؛ قال: (فَإنْ كَانَ لِلصَّبِىِّ أُمٌّ وَجَدٌّ، فَعَلَى الأُمِّ ثُلُثُ النَّفَقَةِ، وَعَلَى الْجَدِّ ثُلُثَا النَّفَقَةِ)

وجملتُه أنَّه إذا لم يكُنْ للصبىِّ أَبٌ، فالنَّفقةُ على وارِثِه. فإن كان له وارِثانِ، فالنَّفقةُ عليهما على قَدْرِ إرْثِهِما منه، وإن كانوا ثلاثةً أو أكثرَ، فالنَّفقةُ بينهم على قَدْرِ إرْثِهِم منه؛ فإذا كان له أُمٌّ وجَدٌّ، فعلى الأُمِّ الثلثُ والباقى على الجَدِّ؛ لأنَّهما يَرِثانِه كذلك. وبهذا قال أبو حنيفةَ. وقال الشافعيُّ: النَّفقةُ كلُّها على الْجَدِّ؛ لأنَّه يَنْفَرِدُ بالتَّعْصيبِ، فأشْبَهَ الأبَ. وقد ذكرْنا رِوايةً أخرى عن أحمدَ، أنَّ النَّفقةَ على العَصَباتِ خاصَّةً. ولَنا، قولُ اللَّه تعالى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} (١). والأُمُّ وارِثَةٌ، فكَان عليها بالنَّصِّ، ولأنَّه مَعْنًى يُسْتَحَقُّ بالنَّسَبِ، فلم يَخْتَصَّ به الجَدُّ دُونَ الأُمِّ، كالوارِثةِ.


(٢٠) في م: "عمته".
(٢١) في ب: "فإنها".
(١) سورة البقرة ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>