للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاضي، وبعضُ الشّافِعِيَّةِ: إن كان وَكِيلَ البائعِ، فلا شُفعَةَ له؛ لأنَّه تَلْحَقُه التُّهْمةُ في البَيْعِ، لكَوْنِه يَقْصِدُ تَقْلِيلَ الثَّمَنِ، ليَأْخُذَ به (٧)، بخِلَافِ وَكِيلِ المُشْتَرِى. وقال أصْحابُ الرَّأْى: لا شُفْعةَ لِوَكِيلِ المُشْتَرِى، بِناءً على أصْلِهِم أنَّ المِلْكَ يَنْتَقِلُ إلى الوَكِيلِ، فلا يَسْتَحِقُّ على نَفْسِه. ولَنا، أنَّه وَكِيلٌ، فلا تَسْقُطُ شُفْعَتُه، كالآخَرِ، ولا نُسَلِّمُ أنَّ المِلْكَ يَنْتَقِلُ إلى الوَكِيلِ. إنَّما يَنْتَقِلُ إلى المُوَكِّلِ، ثم لو انْتَقَلَ إلى الوَكِيلِ لمَا ثَبَتَتْ (٨) في مِلْكِه، إنَّما يَنْتَقِلُ في الحالِ إلى المُوَكِّلِ، فلا يكونُ الأخْذُ من نَفْسِه، ولا الاسْتِحْقاقُ عليها. وأمَّا التُّهْمةُ فلا تُؤَثّرُ؛ لأنَّ المُوَكِّلَ وَكَّلَه مع عِلْمِه بِثُبُوتِ شُفْعَتِه (٩)، راضِيًا بِتَصَرُّفِه مع ذلك، فلا يُؤَثِّرُ، كما لو (١٠) أَذِنَ لِوَكِيلِه (١١) في الشِّراءِ من نَفْسِه. فعلى هذا، لو قال لِشَرِيكِه: بِعْ نِصْفَ نَصِيبِى مع نِصْفِ نَصِيبِكَ. ففَعَلَ، ثَبَتَتِ الشُّفْعةُ لكلِّ واحدٍ منهما في المَبِيعِ من نَصِيبِ صاحِبِه. وعند القاضي تَثْبُتُ في نَصِيبِ الوَكِيلِ، دُونَ نَصِيبِ المُوَكِّلِ.

فصل: وإن ضَمِنَ الشَّفِيعُ العُهْدةَ لِلمُشْتَرِى، أو شَرَطَ له الخِيَارَ فاخْتارَ إمْضاءَ العَقْدِ، لم تَسْقُطْ شُفْعَتُه. وبهذا قال الشافِعِىُّ. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: تَسْقُطُ؛ لأنَّ العَقْدَ تَمَّ به، فأشْبَهَ البائِعَ إذا باعَ بعضَ نَصِيبِ نَفْسِه. ولَنا، أنَّ هذا سَبَبُ سَبْقِ وُجُوبِ الشُّفْعةِ، فلم تَسْقُطْ به (١٢) الشُّفْعةُ، كالإِذْنِ في البَيْعِ، والعَفْوِ عن الشُّفْعةِ قبلَ تَمامِ البَيْعِ. وما ذَكَرُوه لا يَصِحُّ؛ فإنَّ البَيْعَ لا يَقِفُ على الضَّمانِ، ويَبْطُلُ بما إذا كان المُشْتَرِى شَرِيكًا، فإنَّ البَيْعَ قد (١٣) تَمَّ به، وتَثْبُتُ له الشُّفْعةُ بِقَدْرِ نَصِيبِه.


(٧) في ب: "منه".
(٨) في الأصل زيادة: "له".
(٩) في ب: "الشفعة له".
(١٠) في ب زيادة: "وكله".
(١١) في م: "لوكيل".
(١٢) سقط من: ب.
(١٣) سقط من: الأصل، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>