للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَعَدِهمْ" (٤). وفى تَنفِيلِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فى الْبَداءةِ الرُّبعَ، وفى الرَّجْعَةِ الثلُثَ، دليلٌ على اشْتِراكِهم فيما سِوَى ذلك؛ لأنَّهم لو اخْتَصُّوا بما غنِمُوه، لَما كان ثُلثُه نَفَلًا، ولأنَّهم جيشٌ واحدٌ، وكلُّ واحدٍ منهم رِدْءٌ لصاحِبِه، فيَشْترِكُون، كما لو غَنِمَ أحَدُ جانِبَى الجيشِ. وإنْ أقامَ الأميرُ ببَلَدِ الإِسلامِ، وَبعَثَ سَرِيَّةً أو جيْشًا، فما غَنِمَت السَّرِيَّةُ فهو لها وَحْدَها؛ لأنَّه إنَّما يَشْتَرِكُ المجاهدون، والمُقِيمُ فى بلدِ الإِسلامِ ليس بمُجاهِدٍ. وإنْ نَفَّذَ من بلدِ الإِسْلامِ جَيْشَيْن أو سَريَّتَيْن، فكُلُّ (٥) واحِدَةٍ تَنْفَرِدُ بما غَنِمَتْه؛ لأنَّ كلَّ واحِدَةٍ منهما انْفَرَدَت بالغَزْوِ، فانْفَرَدَت بالغَنِيمَةِ، بخلافِ ما إذا فَصَلَ الجيشُ، فدَخَلَ بجُمْلَتِه بلادَ الكُفَّارِ، فإنَّ جَمِيعَهم اشتَرَكُوا فى الجِهادِ، فاشْتَرَكُوا فى الغَنِيمَةِ.

١٦٦٤ - مسألة؛ قال: (ومَنْ فَضَلَ مَعَهُ مِنَ الطَّعَامِ، فَأَدْخَلَهُ الْبَلَدَ، طَرَحَهُ فِى مَقْسِمِ تِلْكَ الغزَاةِ (١)، فِى إحْدَى الرِّوايَتَيْنِ)

والأُخْرَى، مُباحٌ (٢) لَهُ أكْلُه إذَا كَانَ يَسِيرًا. أمَّا الكثيرُ، فيجِبُ رَدُّه، بغيرِ خلافٍ نعلَمُه؛ لأنَّ ما كانَ مُباحًا له فى دارِ الحرْبِ، فإذا أخَذَه على وجْهٍ يفْضُلُ منه كثيرٌ إلى دارِ الإِسلامِ، فقد أخَذَ ما لا يحْتاجُ إليه، فيَلْزَمُه (٣) رَدُّه؛ لأنَّ الأصْلَ تحْريمُه، لكَوْنِه مشْتَرَكًا بينَ الغانِمين، كسائِرِ المالِ. وإنَّما أُبِيحَ منه ما دَعَت الحاجَةُ إليه، فما زادَ يَبْقَى على أصْلِ التَّحْرِيمِ، ولهذا لم يُبَحْ له بَيْعُه. وأمَّا اليَسِيرُ، ففيه روايتان؛ إحداهُما، يَجِبُ رَدُّه أيضا، وهو اخْتيارُ أبى بكْرٍ، وقولُ أبى حنيفةَ، وابنِ المُنْذرِ، وأحَدُ قَوْلَىِ الشافِعِىِّ، وأبى ثَوْرٍ، لما ذكَرْنا فى الكثيرِ، ولأنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "أدُّوا الْخَيْطَ والمِخْيَطَ" (٤). ولأنَّه


(٤) أخرج نحوه أبو داود، فى: باب فى السرية ترد على أهل العسكر، من كتاب الجهاد، وفى: باب أيقاد المسلم بالكافر؟ من كتاب الديات. سنن أبى داود ٢/ ٧٣، ٤٨٨. وانظر تخريج حدِيث: "المسلمون تتكافأ دماؤهم". الذى تقدم فى: ١١/ ٤٦٠.
(٥) فى أ، م: "لكل".
(١) فى أ، ب: "الغنيمة".
(٢) فى م: "يباح".
(٣) فى ب: "فلزمه".
(٤) تقدم تخريجه، فى صفحة ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>