للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعْوَنُ له؛ فإن لم يَفْعَلْ، فَيُسْتَحَبُّ أنْ يُسَكِّنَ أطْرَافَهُ، إمَّا أن يَضَعَ يَمِينَهُ على شِمَالِه، أو يُرْسِلَهُما سَاكِنَتَيْنِ إلى (٢٧) جَنْبَيْهِ. ويُسْتَحَبُّ أنْ يَبْدَأَ بالحَمْدِ قبلَ المَوْعِظَةِ؛ لأنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يَفْعَلُ ذلك، ولأنَّ كُلَّ أَمْرٍ ذِى بَالٍ لا يُبْدَأُ فيه بحَمْدِ اللهِ فهو أبْتَرُ، ثم يُثنِّى بالصلاةِ على النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم يَعِظُ. فإن عَكَسَ ذلك صَحَّ؛ لِحُصُولِ المقصود منه. ويُسْتَحَبُّ أن يَكُونَ في خُطْبَتِه مُتَرَسِّلًا، مُبِينًا، مُعْربًا، لا يَعْجَلُ فيها، ولا يَمْطُطُها، وأن يكونَ مُتَخَشِّعًا، مُتَّعِظًا بما يَعِظُ النَّاسَ به؛ لأنَّه قد رُوِىَ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "عُرِضَ عَلَيَّ قَوْمٌ تُقْرَضُ شِفَاهُهُم بمَقَارِيضَ مِنْ نارٍ، فقِيلَ لي: هَؤُلَاءِ خُطَبَاءُ مِنْ أُمَّتِكَ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ" (٢٨).

فصل: سُئِلَ أحمدُ [عن مَن قرأَ] (٢٩) سورة الحَجِّ على المِنْبَرِ، أيُجْزِئُه؟ قال: لا. لم يَزَلِ النَّاسُ يَخْطُبُونَ بالثَّنَاءِ على اللَّه تعالى، والصلاةِ عَلَى رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ. وقال: لا تَكُونُ الخُطْبَةُ إلَّا كما خَطَبَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. أو خُطبَةً تَامَّة ولأنَّ هذا لا يُسَمَّى خُطْبَةً، ولا يَجمَعُ شُرُوطَها. وإنْ قَرَأ آياتٍ فيها حَمْدُ اللَّه تعالى، والمَوْعِظَةُ، وصَلَّى على النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، صَحَّ؛ لاجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ.

فصل: وإن قَرَأَ السَّجْدَةَ في أثْناء الخُطْبَةِ، فإن شَاءَ نَزَلَ فسَجَدَ، وإن أمْكَنَ السُّجُودُ على المِنْبَرِ، سَجَدَ عليه. وإن تَرَكَ السُّجُودَ، فلا حَرَجَ، فَعَلَه عمرُ وتَرَكَ (٣٠). وبهذا قال الشَّافِعِيُّ. وتَرَكَ عثمانُ، وأبو مُوسى، وعَمَّارُ، والنُّعْمَانُ بن بَشِيرٍ، وعُقْبَةُ بن عَامِرٍ. وبه قال أصْحَابُ الرَّأْىِ؛ لأنَّ السُّجُودَ عِندَهم وَاجِبٌ (٣١).


= أحمد، في: المسند ٤/ ٢١٢.
(٢٧) في أ، م: "مع".
(٢٨) أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند ٣/ ١٢٠، ٢٣١، ٢٣٩.
(٢٩) في م: "عن قراءة".
(٣٠) سقط من: الأصل.
وأخرجه البيهقي، في: باب الإِمام يقرأ على المنبر آية السجدة، من كتاب الجمعة. السنن الكبرى ٣/ ٢١٣.
(٣١) لكنه يجب على التراخى. انظر. الاختيار ١/ ٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>