عَالِمًا بِتَحْرِيمِ ذلك، بَطَلَتْ صلاتُه. وإنْ فَعَلَه جَهْلًا أو نِسْيَانًا، لم تَبْطُلْ، ويَعُودُ إلى جَلْسَةِ الفَصْلِ، ويسجدُ للسَّهوِ.
فصل: فإنْ أرادَ الركوعَ، فوقَعَ إلى الأرضِ، فإنَّه يقومُ فيركعُ. وكذلك إنْ ركعَ وسقط قبلَ طُمَأْنِينَتِه، لزمَتْه إعادةُ الرُّكوعِ؛ لأنَّه لم يَأْتِ بما يُسْقِطُ فَرْضَه. وإنْ ركعَ واطْمَأنَّ، ثم سقطَ، فإنَّه يقومُ مُنْتَصِبًا، ولا يَحْتَاجُ إلى إعادةِ الرُّكوعِ، لأنَّ فَرْضَه قد سَقَطَ، والاعْتِدَالُ عنه قد سَقَطَ بقيَامِه.
فصل: إذا رَكَعَ، ثم رَفَعَ رأسَه، فَذَكَرَ أنَّه لم يُسَبِّحْ في رُكُوعِهِ، لم يَعُدْ إلى الرُّكوعِ، سواءٌ ذَكَرَه قبلَ اعْتِدَالِه قائِمًا أو بَعْدَه؛ لأنَّ التَّسْبِيحَ قد سَقَطَ بِرَفْعِه، والرُّكوعَ قد وقَعَ صحيحًا مُجْزِئًا، فلو عادَ إليه، زَادَ ركُوعًا في الصَّلاةِ غيرَ مَشْرُوعٍ، فإنْ فَعَلَه عَمْدًا أبْطلَ الصَّلاةَ، كما لو زَادَه لغَيْرِ عُذْرٍ، وإنْ فَعَلَه جَاهِلًا أو ناسِيًا، لم تَبْطُل الصَّلاةُ، كما لو ظَنَّ أنَّه لم يَرْكَعْ. ويسْجُدُ لِلسَّهْوِ. فإِنْ أدرَكَ المأمُومُ الإِمامَ في هذا الركوعِ، لم يُدْرِك الرَّكعَةَ؛ لأنَّه ليس بِمَشْرُوعٍ في حَقِّه، ولأنَّه لم يُدْرِكْ رُكُوعَ الرَّكْعَةِ، فأشْبَهَ ما لو يُدْرِكْه راكِعًا.
أمَّا السُّجودُ فوَاجبٌ بالنَّصِّ والإِجماعِ؛ لِما ذكرْنا في الرُّكوعِ، والطُّمَأْنِينَةُ فيه رُكْنٌ؛ لقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، في حديثِ المُسِىءِ في صلاتِه:"ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا"(١). والخلافُ فيه كالخلافِ في طُمَأْنِينَةِ الرُّكوعِ، ويَنْحَطُّ إلى السُّجودِ مُكَبِّرًا؛ لما ذكرْنَا مِن الأخْبارِ، ولأنَّ الهُوِىَّ إلى السُّجودِ رُكْنٌ، فلا يَخْلُو مِن ذِكْرٍ، كسائِرِ الأرْكانِ، ويكونُ ابْتِداءُ تَكْبِيرِه مع ابْتداءِ انْحِطَاطِه، وانْتِهَاؤُه مع انْتِهَائِهِ؛ والكَلَامُ في التَّكْبِيرِ ووُجُوبِه قد مَضَى.
ولا يُسْتَحَبُّ رَفْعُ يدَيْه، في المَشْهُورِ مِن المذهبِ. ونَقَلَ عنه المَيْمُونِيُّ أنَّه رَفَعَ يَدْيهِ. وسُئِلَ عن رَفْعِ اليدَيْنِ في الصَّلاةِ؟ فقال: في كلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ.